الموضوع: عِبر ُ عاشوراء
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 15  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي الصبر والثبات
قديم بتاريخ : 11-12-2012 الساعة : 01:34 AM





اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام


الصبر والثبات


من الضروريّ الصمود والثبات من أجل مواجهة الضغوط الداخليّة والخارجيّة ومن أجل التغلّب على المشاكل في طريق الوصول إلى الهدف المنشود، فبدون الصبر سواء في المقاومة والجهاد أو في أيّ عمل آخر لا يمكن الوصول إلى النتائج المرجوّة، فلا بدّ للإنسان أن يكون صبوراً حتّى لا تزلزله المصائب وصعوبات الطريق، هذا ما يدعو إليه الدين في جميع المراحل، ونجد أنفسنا في عاشوراء أيضاً وجهاً لوجه أمام هذا التجلّي الروحيّ العظيم، فإنّ الشيء الذي سما بملحمة كربلاء إلى ذروة الخلود والتأثير والفتح المعنويّ هو روحيّة المقاومة والصمود التي تجلّت في الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره وأهل بيته.

لقد كان الإمام عليه السلام منذ أوائل نهضته وحتّى صبيحة عاشوراء يشترط فيمن يريد الانضمام إليه والالتحاق به أن يكون صابراً صامداً موطّناً على لقاء الله نفسه، ويروى أنّه كان من قوله عليه السلام في بعض المنازل أنّه قال: "أيّها النّاس! فمن كان منكم يصبر على حدّ السيف وطعن الأسنّة فليقم معنا، وإلّا فلينصرف عنّا".

إنّ ميدان الحرب والاقتتال مصحوب بالصدام والضرب والعطش والإرهاق والجراحات والموت والأسر ومئات المخاوف والأخطار الأخرى، ولذا كان الإمام الحسين عليه السلام يشترط لصحبته ومرافقته "الصبر" فيمن يلتحق به، حتّى يبقى ويثبت أنصاره الصابرون في ميدان النهضة إلى نهاية المطاف.

ونلاحظ شعار "الصبر والثبات" واضحاً جليّاً في خطب الإمام عليه السلام وفي رجزه ورجز أنصاره، لقد كان الصبر من الأمور التي أكّد عليها الإمام عليه السلام في وصاياه لأنصاره وأهل بيته، وخصوصاً ما أوصى به لمرحلة ما بعد استشهاده عليه السلام:

ففي يوم عاشوراء مثلاً، قال عليه السلام في خطبة خطبها في أصحابه:
"صبراً بني الكرام! فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة".

وممّا أوصى عليه السلام به أخته زينب الكبرى عليها السلام وبقيّة أخواته وبناته ونسائه ليلة عاشوراء قوله:

"... يا أختاه يا أمّ كلثوم، وأنت يا زينب، وأنت يا فاطمة، وأنت يا رباب! أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليَّ جيباً، ولا تخمشن عليَّ وجهاً، ولا تقلن هجراً...".

وبعد أن صلّى عليه السلام بأصحابه يوم عاشوراء، دعاهم أيضاً إلى الصبر والثبات قائلاً: " فاتّقوا الله واصبروا".

وكان شعار "الصبر والثبات" ظاهراً أيضاً في رجز أصحابه، فقد جاء مثلاً في بداية رجز خالد بن عمرو (رضوان الله عليه) قوله:

صبراً على الموت بني قحطان كيما تكونوا في رضى الرحمن
وجاء أيضاً في مطلع رجز سعد بن حنظلة التميميّ قوله:

صبراً على الأسياف والأسنّة صبراً عليها لدخول الجنّة
إنّ "الصبر يهوّن الفجيعة" كما يقول الإمام عليّ عليه السلام، والإنسان الصابر كما يزداد بالصبر تحمّلاً للمصيبة وآلامها، فإنّه يشعُّ أيضاً على الآخرين روحيّة الصبر والثبات.

ولقد كانت أشدّ المصائب والصدمات الروحيّة التي تعرّض لها الإمام الحسين عليه السلام مصيبة مقتل أبنائه وأنصاره من أهل بيته وأصحابه، لكنّه عليه السلام في جميع تلك الدواهي لم يتزعزع بل صمد وقاوم، ولم يستسلم لهول المصاب، ولم يهن ولم ينكل، وله تصريحات كثيرة مفعمة بالصبر على ما ألمّ به من عظيم الآلام عند فقد أعزّته وأنصاره من أهل بيته وأصحابه، ولقد أعدّ عليه السلام نفسه منذ البدء لتحمّل هذه النوازل، وقد صرّح بذلك في خطبته التي خطبها بمكّة قبيل خروجه إلى العراق، حيث قال: "نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين".

وفيما أوصى به الإمام عليه السلام أخته زينب الكبرى وباقي النساء وأهل بيته في ليلة عاشوراء ضمن ما أخبرهم به من حال الأعداء، أنّه قال:

"ذكّرتهم فلم يذكروا، ووعظتهم فلم يتّعظوا، ولم يسمعوا قولي، فما لهم غير قتلي سبيلاً، ولا بدّ أن تروني على الثرى جديلاً، لكن أوصيكنّ بتقوى الله ربّ البريّة، والصبر على البليّة، وكظم نزول الرزيّة، وبهذا وعد جدّكم ولا خلف لما وعد، ودّعتكم إلهي الفرد الصمد".
وفي يوم عاشوراء دعا ابنه عليَّ الأكبر عليهما السلام إلى التحمّل والصبر على العطش قائلاً: "اصبر حبيبي..."، وكذلك خاطب أحمد بن أخيه الحسن عليهما السلام بعد أن عاد إليه من القتال عطشان بقوله: "يا بنيّ اصبر قليلاً..."، وفي وداعه الأخير لحرمه أوصى ابنته سكينة عليها السلام قائلاً:

"فاصبري على قضاء الله ولا تشتكي"، وكان من مناجاته العرفانيّة في آخر لحظات حياته وهو صريع على وجه الثرى، مخاطباً ربّه عزَّ وجلَّ: "صبراً على قضائك يا ربّ، لا إله سواك... صبراً على حكمك يا غياث من لا غياث له...".

إنّ تمسّك أهل المصيبة بالصبر، وسيطرتهم على أحزانهم وغمّهم، وتسليمهم لمشيئة الله وتقديره، احتساباً ورجاءً لما عند الله من المثوبة والأجر، كما يزيد في ثوابهم عند الله تبارك وتعالى، كذلك ييسّرعليهم تحمّل لوعة فقد الأحبّة واستشهاد الأعزّة، خصوصاً إذا كان صاحب المصيبة لفقد الأحبّة ذا إيمان قويّ لا يسمح للجزع والاعتراض أن يحبطا أجره عند الله تبارك وتعالى.

كان عبد الله بن جعفر زوج زينب الكبرى عليها السلام قد بقي في المدينة ولم يلتحق بالإمام الحسين عليه السلام في خروجه إلى العراق (فقد قيل: إنّه مكفوف البصر)، لكنّه كان قد شارك في الطفّ بولديه الذين استشهدا مع الإمام الحسين عليه السلام.

ولمّا بلغه مقتل ابنيه مع الحسين عليه السلام دخل عليه بعض مواليه والنّاس يعزّونه، فقال ذلك الرجل المولى: "هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين" فحذفه عبد الله ابن جعفر بنعله ثمّ قال: "يا ابن اللخناء! اللحسين تقول هذا؟! والله لو شهدته لأحببتُ أن لا أُفارقه حتّى أُقتلَ معه! والله إنّه لممّا يسخّي بنفسي عنهما، ويهوّن عليّ المصاب بهما أنّهما أصيبا مع أخي وابن عمّي مواسيين له صابرين معه".
إنّ التأريخ دوّن لنا صبر وثبات شهداء كربلاء وذويهم عنواناً لمقام إنسانيّ فذّ ولخصلة أخلاقيّة سامية، وقد أثنت النصوص الواردة في زيارة هؤلاء الشهداء الأفذاذ ثناءً عاطراً على جهادهم وصبرهم وثباتهم.

نقرأ في إحدى زيارات الحسين عليه السلام:"فجاهدهم فيك صابراً محتسباً حتّى سُفك في طاعتك دمه!".

ونقرأ في أحد نصوص زيارة أبي الفضل العبّاس عليه السلام:"فنعم الصابر المجاهد المحامي الناصر...".

لقد كانت واقعة كربلاء مدرسة الصمود، وكان أبطال ملحمة عاشوراء قدوات الصبر والتحمّل والثبات، كما استوعبت عوائل الشهداء أيضاً درس الصبر من زينب الكبرى عليها السلام، وتحمّلت الأمّهات والزوجات والآباء لوعة فقدان أعزّتهم الشبّان تأسّياً بكربلاء.


نسألكم الدعاء




من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
رد مع اقتباس