عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية قطرة من فيض الغدير
قطرة من فيض الغدير
عضو برونزي
رقم العضوية : 44073
الإنتساب : Oct 2009
المشاركات : 591
بمعدل : 0.11 يوميا

قطرة من فيض الغدير غير متصل

 عرض البوم صور قطرة من فيض الغدير

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي كيف نال كربلائي محمد كاظم كرامة حفظ القرآن لانه عمل بما علم؟القصة كما يرويها هو
قديم بتاريخ : 07-08-2010 الساعة : 01:20 PM


في أيام المحرم ... قدِم إلى قريتنا (ساروق) الواقعة في ضواحي مدينة (أراك) واعظ للارشاد ، كان يرتقي المنبر في الليل للموعظة و التبليغ . أيامها كنت شاباً أجد في داخلي رغبة لتعلم المعارف و الأحكام الإسلامية .. فكنت أقصد مجلس لأستمع إليه.

و في أحد الليالي .. تحدث عن مسألة (الخًُمس ) و ( الزكاة ) . و كان فيما قال : لو أن أحداً لا يدفع ما عليه من الخُمس .. فإن صلاته غير صحيحة ؛ ذلك لأن خمس المال غير المخمّس أنما هو للسادة و لامام الزمان (عليه السلام) . و من الجائز أن تكون ثيابك التي ترتديها ، و دارك التي تسكنها .. قد اشتريتها بأموال غير مخمّسة .

أي : قد اشتريتها بأموال خُمسها يخص السادة و امام الزمان (عليه السلام) .. فتكون – بهذا – قد تصرّفت بها غاصباً لها . و ظل هذا الواعظ يتحدث تلك الليلة عن أمور من هذا القبيل.

و كنت قبلها قد عزمت – بيني و بين نفسي – أن أعمل بكل ما أتعرف عليه من أحكام الدين و أتعلمه . من حينها شرعت أتساءل عن واقع أموال مالك الأراضي التي نعمل فيها في قريتنا . و بعد تتبع يسير علمت أنه لا يدفع ما عليه من الخمس و الزكاة . في البداية ذكـّرته بهذه المسألة فلم يعرني أذناً صاغية . فكان أن قـرّرت ألا أظل في القرية ، و لا أعمل لحساب مالك الأراضي ، و أن أوّلي وجهي إلى مكان آخر . و لم يوافق أهلي و أقاربي – و خاصة أبي – على هذا القرار . و لكني لم أذعن لأحد ؛ خشية من الله . و في احدى الليالي خرجت فارّاً من القرية في الظلام .

و في قرية مجاورة .. اشتغلت – تمشية لأمور المعيشة – عاملاً و حطاباً .. لمدة ثلاث سنوات تقريباً ..و حدث في أحد الأيام أن عرف مالك الأراضي المذكور مكان عملي الجديد .. فأرسل إلى من يخبرني بأنه قد تاب إلى الله ، و أنه بدأ يدفع ما هو مستحق عليه من الخمس و الزكاة . و أوصى لي : أنه يود لو أعود إلى القرية لأكون إلى جوار أبي . عندها رضيت أن أعود إلى القرية . و هناك أعطاني المالك قطعة أرض ، رحت أزرعها و أعمل فيها نصف نهار كل يوم . أما غلة الزرع .. فكنت أقسم نصفها بين فقراء القرية ، و أعمد إلى إعانة كثير من المحتاجين و المعوزين .. و أود لو أكون دائماً في عون ذوي الفاقة و المحرومين.

كان يوماً صائفاً ذلك اليوم الذي خرجت فيه إلى المزرعة ، لأفصل التبن عن حب القمح . كنت أنتظر هبوب ريح مواتية ، لأقوم بالتذرية . أنتظرت طويلاً .. و لكن ما ثمة نسمة هواء. لقد كان الجو ساكناً تماماً . عندها قفلت راجعاً إلى القرية و في الطريق لقيني أحد فقراء القرية فقال لي : هذه السنة ما أعطيتني شيئاً من محصولك .. أنسيتـني ؟! قلت : كلا – لا قدر الله .. أنا لا أنسى الفقراء . و لكني لم أجمع المحصول حتى الآن . و أطمئنّ إلى أن حقك محفوظ.

سـُر الرجل ، و مضى تلقاء القرية .. بيد أن قلبي لم يقر له قرار ، فعدت من فوري إلى المزرعة ، و جمعت – بعناء كثير – مقداراً من القمح ، وحملته لهذا الرجل الفقير .. كما حملت معي كمية من العلف لأغنامي . كان الوقت على مشارف العصر لما حملت القمح و العلف ، و سرت نحو القرية.

و قبل أن أبلغ القرية وصلت إلى مزار أحد أبناء الأئمة . و هو المزار المعروف باسم – الأثنين و السبعين شخصاً – و قد دفن فيه أثنان من أبناء الأئمة (عليهم السلام) هما : جعفر و صالح . و جانب من هذا المزار يقال له : (الأربعون فتاة ).

جلست للاستراحة عند عتبة المزار ، و وضعت القمح و العلف جانباً.. و رحت أنظر إلى المدى البعيد . في ذلك الوقت لفت نظري رجلان شابان يتقدمات صوبي . أحدهما ذو قامة ممشوقة رائعة و له هيبة عجيبة و جلال . كانا يرتديان ثياباً عربية .. و قد أعتمر كل منهما عمامة خضراء . ثم لما وصلا إلى – و لم أكن قد رأيتهما من قبل – ناداني الرجل الجميل المهيب باسمي ، قائلاً : كربلائي كاظم .. تعال نذهب لنقرأ (الفاتحة) لابن الامام هذا . قلت له : يا سيد .. ذهبت إلى زيارته قبل قليل . و علىّ أن أعود الآن ، لأوصل العلف إلى الدار.

قال : حسناً جداً .. ضع هذا العلف إلى جوار الحائط ، و تعال معنا نقرأ ( الفاتحة) . طاوعته و مضيت إلى جهة السيد الثاني .. و تبعتها فدخلت المزار . في ذلك الوقت وجدتهما يقرءان شيئاً لم أتبينه . فبقيت واقفاً بمحاذاة الضريح صامتاً . لكني فوجئت إذ وقع نظري على كتيبة رأيتها في أطراف السقف . كانت ثمة كلمات من نور ! التفت إليّ الرجل الجليل المهيب و قال : كربلائي كاظم .. ما بالك لا تقرأ؟
قلت : يا سيد .. أنا لم أذهب إلى الملا. (1) لا أعرف القراءة و الكتابة .
فقال : و لكن عليك أن تقرأ . ثم دنا منـّي ، و وضع يده على صدري و ضغط عليه بقـوّة و قال : اقرأ الآن . قلت : ماذا أقرأ فقال : أقرأ هكذا :
(( بسم الله الرحمن الرحيم . إن ربكم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ، ثم استوى على العرض يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً ، و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره ، ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين)

قرأت بقراءة هذا الرجل ، و قرأت بقرأءته أيضاً بعدها أ ٌخر. و كان ما يزال واضعاً يده على صدري .. حتى بلغت آخر الآية التاسعة و الخمسين ، حيث تختتم بهذه العبارة : ( أني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ).

عندها أردت أن أقول لهذا الرجل شيئاً ، فحولت وجهي إليه .. لكني لم أجد أحداً ، ولم أر أثراً لهذا الرجل الذي كان واضعاً يده على صدري إلى آخر لحظة . أما الكتيبة التي كانت في السقف .. فقد توارت كذلك .

لحظتها .. داخلني هول عجيب ، لم اشعر بعده بما جرى . إذ وقعت على الأرض فاقد الوعي.
كان الوقت مقارباً لطلوع الفجر لمّا أفقت . الفضاء ما يزال في ظلمته . لقد أنـُسيت

________________________
1- الملا : أي معلّم الصّبيان و يراد به في الاصطلاح : المكتب الذي كان الأولاد و البنات في الأجيال الماضية يتعلمون فيه مبادئ القراءة و الكتابة و قراءة القرآن الكريم . (المترجم)
2- سورة الأعراف : 54


تماماً ما كان حدث لي أمس . بقيت عدة دقائق كمن يستيقظ من النوم و لا يدري أين هو ! تطلعت حولي ، و أنا أحسّ بتعب شديد في بدني . وحين فطنت إلى أني كنت نائماً عند المزار أخذت أعنـّف نفسي و أوبـّخها : أما وراءك شغل و عمل ؟! ماذا تصنع هنا ؟!

و مهما يكن .. فقد نهضت و خرجت من المزار . ثم حملت العلف على كتفي . و في الطريق تنبهت إلى أني أعرف كلمات عربية كثيرة . و على حين غـّرة تذكرت ما حدث لي أمس ، و كيف كنت مع ذلك السيد الجليل المهيب .. فتملكني – مرة أخرى – فزع و رعب . و لكني مضيت هذه المرة حتى أنتهيت إلى البيت .

و في البيت طفق أهلي يعنـّفوني قائلين : أين كنت من أمس إلى الآن ؟! أين كنت في الليل ؟! و لكني لم أنطق بحرف ، و وضعت العلف أمام الأغنام . و حين طرّ الصباح حملت القمح إلى دار ذلك الرجل الفقير و سلمته أياه . ثم خففت مباشرة إلى إمام جماعة القرية الشيخ صابر الأراكي ، وقصصت عليه ما جرى لي من أوله إلى آخره . فقال لي امام الجماعة :اقرأ ما تعرف، فقرأت . فقال : هذه آيات قرآنية ! و ظل يختبر حفظي ساعات ، فكنت أجيب عن كل ما أراد . بعدها بدأ خبري يذيع شيئاً فشيئاً بين أهل القرية ، و أنا عاكف على عملي في الزراعة و تدبير شؤون المزرعة .. حتى كان يوم ذهبت فيه إلى قرية (شهاب) الواقعة قرب (ملاير) لانجاز عمل لي هناك . و في قرية (شهاب أبلغ أهاليها بخبري السيد اسماعيل العلوي البروجردي الذي كان من علماء (ملاير ) .. فجاء السيد اسماعيل لرؤيتي ، و اصطحبني – بعد الحاح منه و الحاف – إلى (ملاير) . وهناك حكى قضيتي بمحضر عدد شخصيات (ملاير ) ، فكانوا يختبروني في حفظ القرآن ، و قد تملكهم العجب . ثم كان رأي علماء (ملاير ) أن يشيعوا خبري في إيران كلها ، ليرى الناس كيف يمنّ الامام صاحب الزمان ( عليه السلام) على رجل أدّى واجباته باخلاص.

عـّرفوني- أول ما عـّرفوني – على آية الله العظمي السيد البروجردي .. فكان يمتحن حفظي مرات و مرات ، حتى أطمأن إلى أن امام العصر ( عليه السلام) قد جاد على حقاً بلطفه و منـّته .

و قابلت رجال الحوزة العلمية و كافة علماء قم الكبار ، فأقرّوا بهذه الحقيقة . ثم أخذني عدة من التجار ( وقد نسيت أسماءهم ) إلى النجف الأشرف و كربلاء المقدسة بهدف لقاء علمائها .. و صحبني في سفري هذه عدة أشخاص . و في النجف و كربلاء التقيت بالعلماء و المراجع هناك . و لا يحضرني الآن من أسمائهم غير اسم آية الله العظمى السيد الميلاني – الذي كان آنذاك في كربلاء .. و غير أسم آية الله العظمى السيد الحكيم في النجف ، فعاملوني بكثير من المودة . و كلـّهم قد أقر باعجاز الامام وليّ الأمر (أرواحنا فداه) و لمّا عدت إلى إيران .. أهتمّت بي جماعة (فدائيان اسلام)
و ها أنا ما أزال في قم أتحدث إليك . هذا هو مختصر قضيتي .

حكى لي كربلائي كاظم هذا كله .. فشكرت له ذلك . و كنت قد دونت قضيته إلى هذا الحد . و قد وفقت اليوم لأرويها للقــّراء الأعـّزاء .
و في الختام ، أرى من المفيد أن أثبت بعض الملاحظات :
الأولى :
في يوم تاسوعاء عام ( 1378هـ ) توفى كربلائي محمد كاظم كريمي الساروقي الفراهاني الأراكي حافظ القرآن الكريم .. عن عمر يناهز الثامنة و السبعين ، في مدينة قم ، و وُوري جثمانه الثرى في ( مقبرة قم الجديدة ) – رحمه الله .
الثانية :
كتب المرحوم آية الله العظمى السيد الميلاني – بعد لقائه بالمرحوم كربلائي محمد كاظم – هذه الشهادة بخط يده .. و نصّها :

بسمه جلت أسماؤه
التقيت به ( كربلائي محمد كاظم ) في جلسات عديدة في النجف الأشرف و في كربلاء .. بحضور جمع من أهل العلم ، و عدد من سائر الطبقات و قد اختبرته بطرق مختلفة و بأساليب متعددة و حقاً .. فإن إطلاعه على آيات القرآن المجيد و كلماته أمر على خلاف المألوف ، و هو موهبة إلهية . و من يعاشره وقتاً قصيراً و يطلع على أحواله في مراحله العادية ، و على مستوى حافظته في سائر الأمور ( غير القرآن الكريم) .. يدرك تماماً و يلمس بوجدانه أن اقتداره في معرفة جميع خصوصيات القرآن المجيد كرامة استثنائية . ويمكن القول : لو تصورنا حافظة قوية – بأي مستوى من القوة نتصوره – فإنها لا تقف أمام هذه الأنواع من الامتحانات و الاختبارات التي أجريت معه ، من وجوه كثيرة و هو ( سبحانه و تعالى ) يهب ما يشاء لمن يشاء ، و له الحمد.
من كتاب الكمالات الروحية
تأليف السيد الأبطحي


توقيع : قطرة من فيض الغدير
امحوذنوبك في دقيقتين
http://www.shbab1.com/2minutes.htm

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
استغفر الله و أسأله التوبة
اللهم اعتق رقابنا من النار
اللهم ارزقنا الجنة
من مواضيع : قطرة من فيض الغدير 0 كيف نال كربلائي محمد كاظم كرامة حفظ القرآن لانه عمل بما علم؟القصة كما يرويها هو
0 لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسين من الفضل، لماتوا شوقاً!..(منقول)
0 قبس من ضياء العترة الطاهرة
0 آيات للعصمة من كل ظالم وشيطان
0 علاج الشرود في الصلاة (منقول)
التعديل الأخير تم بواسطة Dr.Zahra ; 17-08-2010 الساعة 09:38 AM. سبب آخر: حجم الخط

رد مع اقتباس