عرض مشاركة واحدة

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.39 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-01-2018 الساعة : 08:22 PM


41 - عمر يعترف : علي ( عليه السلام ) أعلم بالواقع .
روى العلاّمة الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد السلامي البغدادي ، بسنده عن رفاعة بن رافع قال : جلس إلى عمر ، علي والزبير وسعد ، ونفر من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فتذاكروا العزل فقالوا : لا بأس به . فقال رجل : إنّهم يزعمون أنّها الموعودة الصغرى ، فقال علي ( عليه السلام ) : ( لا تكون موعودةً حتى تمر على النارات السبع ، تكون سلالة من طين ، ثمّ تكون نطفةً ، ثمّ تكون علقةً ، ثمّ تكون مضغةً ، ثمّ تكون عظاماً ، ثمّ تكون لحماً ، ثمّ تكون خَلقاً آخر ) .
فقال عمر : صدقت أطال الله بقاءك (2) .
أقول : جواب الإمام علي ( عليه السلام ) حول المراحل السبعة في خلق الإنسان ، مستلهَم من القرآن الكريم في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) (3) تشير الآية إلى تطور الإنسان ، وتكامله في رحم الأمّ حتى الولادة .
ــــــــــــــــــــ
( 1 ) صحيح البخاري 5 : 22 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فتح الباري شرح صحيح البخاري 7 : 57.
( 2 ) إحقاق الحق وملحقاته 17 : 434 رواه عن جامع العلوم والحكم 1 : 46 ح 4، مشكل الآثار 2 : 373، وفيه : أنّ اليهود تزعم أنّها الموءودة الصغرى ـ بدلاً عن الموعودة الصغرى ـ وبعد جواب الإمام علي تعجب عمر من قوله : وقال : جزاك الله خيراً . وجاء في محاضرات الأدباء 1 : 96 : أَوّل مَن خاطب بـ‍ ( أطال الله بقاءك ) عمر بن الخطاب ، قاله لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
( 3 ) المؤمنون : 11 - 14.
42 - عمر يعترف : علي أعلم الناس بالقرآن .
أخرج العلاّمة الحافظ الحسكاني ، بسنده عن عمر بن الخطاب قال : علي ( عليه السلام ) أعلم الناس بما أنزل الله على محمد ( صلى الله عليه وآله ) (1) .
43 - عمر يعترف : علي مولى مَن كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) مولاه .
روى العلاّمة الحافظ المحب الطبري ، بسنده عن عمر بن الخطاب قال : علي ( عليه السلام ) مولى مَن كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مولاه (2) .

44 - عمر يعترف : لولا علي لهلك عمر .
أخرج العلاّمة الحافظ الگنجي الشافعي ، بسنده عن حذيفة بن اليمان ، أنّه لقى عمر بن الخطاب .
فقال له عمر : كيف أصبحت يا بن اليمان ؟
فقال : كيف تريدني أصبح ؟ أصبحت والله أكره الحق ، وأحب الفتنة ، وأشهد بما لم أرَه ، وأحفظ غير المخلوق ، وأصلّي على غير وضوء ، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء .
فغضب عمر لقوله وانصرف من فوره ، وقد أعجله أمر وعزم على أذى حذيفة لقوله ذلك ، فبينا هو في الطريق إذ مرّ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فرأى الغضب في وجهه .
فقال : ( ما أغضبك يا عمر ؟
فقال : لقيت حذيفة بن اليمان فسألته ، كيف أصبحت ؟ فقال : أصحبت أكره الحق .
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) شواهد التنزيل 1 : 39 ح 29، وفي نسخة أخرى عن ابن عمر .
( 2 ) الرياض النضرة 3 : 128 و 233.
فقال علي ( عليه السلام ) : صدق ، يكره الموت وهو حق .
فقال عمر : يقول : وأحب الفتنة .
قال علي ( عليه السلام ) : صدق ، يحب المال والولد ، وقد قال الله تعالى : ( أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (1) .
فقال عمر : يا علي ، يقول : وأشهد بما لم أرّه .
فقال ( عليه السلام ) : صدق ، يشهد بالوحدانية ، والموت والبعث ، والقيامة والجنة ، والنار والصراط ، ولم يرَ ذلك كله . فقال عمر : يا علي ، وقد قال : إنّني أحفظ غير المخلوق .
قال ( عليه السلام ) : صدق ، يحفظ كتاب الله تعالى القرآن ، وهو غير مخلوق .
قال عمر : ويقول : أصلي على غير وضوء .
فقال ( عليه السلام ) : صدق ، يصلي على ابن عمي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على غير وضوء ، والصلاة عليه جائزة .
فقال : يا أبا الحسن ، قد قال أكبر من ذلك .
فقال ( عليه السلام ) : وما هو ؟
قال عمر : قال : إنّ لي في الأرض ما ليس لله في السماء .
قال ( عليه السلام ) : صدق ، له زوجة ، وتعالى الله عن الزوجة والولد ) .
فقال عمر : كاد يهلك ابن الخطاب لولا علي بن أبي طالب .
قال الگنجي : هذا ثابت عند أهل النقل ، ذكره غير واحد من أهل السير (2) .
ــــــــــــــــــــ
( 1 ) الأنفال : 28.
( 2 ) كفاية الطالب : 218 باب 57 ، نظم درر السمطين : 129 - 130، نور الأبصار : 161 ، فرائد السمطين 1 : 337 ح 259 ، وفيه : لولا علي لهلك عمر ، الفصول المهمة لابن الصباغ : 35
45 - عمر يعترف : اختصاص علي ( عليه السلام ) بثلاث عشرة منقبة .
أخرج العلاّمة الخطيب الخوارزمي وغيره من أعلام السُنة ، بإسنادهم عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال عمر بن الخطاب : كانت في أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) ثماني عشرة سابقة ، خصّ منها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بثلاث عشرة ، وشاركنا في خمس (1) .
أقول : وقد أخرج السيوطي وغيره من أعلام أهل السُنة ، هذا الحديث بلفظ آخر ، قال الطبراني : عن ابن عباس ، قال : كانت لعلي ( عليه السلام ) ثماني عشرة منقبة ، ما كانت لأحد من هذه الأمّة (2) .
فعلى هذا فلا تستحيل أن تكون جملة ( فخصّ علي منها بثلاث عشرة ، وشركنا في خمس ) في رواية عمر موضوعة وزائدة ، وكذلك جملة ( كانت لأصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) ) ؛ فإنّها وُضعت بديلاً عن جملة ( كانت لعلي ( عليه السلام ) ) ، التي وردت في رواية السيوطي .
46 - عمر يعترف : مَن أهان علياً ( عليه السلام ) ، فقد أهان النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
أخرج الإمام أحمد بن حنبل بسنده عن عروة بن الزبير قال : إنّ رجلاً وقع
ــــــــــــــــــــ
فصل في ذكر شيء من علومه ، ولم يذكر اسم حذيفة بن اليمان .
وفيه أيضاً : قال عمر : إنّه يصدّق اليهود والنصارى قال الله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ) .
وفي آخر الحديث فقال عمر : أعوذ بالله من معضلة لا علي لها .
أقول : ولعلّ هذه القصة قد تكرّرت أكثر من مرة . ( المعرّب ) .
( 1 ) المناقب للخوارزمي : 99 فصل ( 7 ) ح 101 وص 331 فصل ( 19 ) ح 352 ، مقتل الحسين ( عليه السلام ) : 45 فصل ( 4 ) ، فرائد السمطين 1 : 344 ح 265 ، نظم درر السمطين : 129.
( 2 ) الصواعق المحرقة : 76 ، تاريخ الخلفاء : 172 ، ينابيع المودة : 286 عن الطبراني، تفريح الأحباب : 351.

في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
فقال عمر : تعرف صاحب هذا القبر ؟ هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، فلا تذكر علياً إلاّ بخير فإنّك إن نقصته آذيت صاحب هذا القبر .
وأخرج المناوي بسنده أنّ عمر بن الخطاب قال : ويحك أتعرف علياً ؟ هذا ابن عمه ـ وأشار إلى قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ ، والله ما آذيت إلاّ هذا في قبره (1) .
47 - عمر يعترف : مَن آذى علياً فقد آذى النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
روى العلاّمة العيني بسنده عن عمر بن الخطاب قال : إذا آذيت عليا آذيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (2) .
48 - عمر يتمنّى إحدى فضائل علي ( عليه السلام ) .
أخرج الحافظ الحاكم النيسابوري وغيره ، من الحفّاظ والمؤرّخين ، من أهل السنة والجماعة ، بإسنادهم عن أبي هريرة ، قال : قال عمر بن الخطاب : لقد أعطي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ثلاث خصال ، لأن تكون لي خصلة منها أحب إلي من أن أُعطى حُمر النِعم .
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) فضائل الصحابة 2 : 641 ح 1089 ، فضائل أمير المؤمنين لأحمد بن حنبل : 145 ح 211 ، الصواعق المحرقة : 177، تاريخ مدينة دمشق 42 : 519 ترجمة علي بن أبي طالب ، الرياض النضرة 3 : 123 خرّجه أحمد في المناقب وابن السمان في الموافقة ، تذكرة الخواص : 44 ، كنز العمال 13 : 123 ح 36394 خرّجه عن تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، فيض القدير 6 : 18 ح 8266 خرّجه عن الدار قطني ، الجامع الصغير 3 : 547 ح 8266 ، أرجح المطالب : 515 ، شفاء السقام : 207، مرقاة المفاتيح 10 : 474 ح 6101 خرّجه عن أحمد ، التدوين في أخبار قزوين 1 : 293 ترجمة محمد بن زيد الجعفري .
( 2 ) مناقب سيدنا علي ( عليه السلام ) : 16 ح 17.
قيل : وما هنّ ، يا أمير المؤمنين ؟
قال : تزوّجه فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسكناه المسجد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يحل له فيه ما يحل له ، والراية يوم خيبر ، ففتح الله عليه وهزم اليهود ، فكان ذلك نصراً عزيزاً منح به الإسلام والمسلمون .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه (1) (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) المستدرك على الصحيحين 3 : 125 ، فضائل الصحابة 2 : 659 ح 1123 ، وفيه : والثالثة نسيها سهيل ، فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لأحمد : 173 ح 245 ، وفيه : أنّ سهيل نسي الثالثة ـ أي تزويجه الزهراء ( عليها السلام ) ـ ، البداية والنهاية 7 : 341 ، المناقب للخوارزمي : 232 باب ( 19 ) ح 354 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 120 ، الرياض النضرة 3 : 232 ، مجمع الزوائد 9 : 120 باب جامع في مناقبه ، خرّجه عن مسند أبي يعلى ، فرائد السمطين 1 : 354 ح 268 ، نظم درر السمطين : 129 ، أسنى المطالب : 68 ح 22 ، تاريخ الخلفاء : 173 خرّجه عن أبي يعلى ، الخصائص الكبرى 3 : 293 باب اختصاصه ( صلى الله عليه وآله ) بجواز المكث في المسجد جُنباً. . .، الصواعق المحرقة : 127 ، كنز العمال 13 : 110 ح 36359 وص 116 ح 36376 خرّجه عن مسند ابن أبي شيبة ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5 : 44 ، ينابيع المودة 286 باب 59 ، مرآة المؤمنين : 86، تفريح الأحباب : 351، إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء 1 : 289، الروض الأزهر : 97 و 100 ، جواهر البحار 1 : 365، أرجح المطالب : 411 وسيلة النجاة : 106.
فإذا أردت الاطّلاع على الأحاديث المروية في هذا الباب ، وتعرف أسانيدها ونصوصها ، راجع موسوعة الغدير للعلاّمة الأميني 3 : 202 - 312.
( 2 ) وجملة عمر بن الخطاب : ( وسكناه المسجد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يحل له فيه ما يحل له ) إشارة إلى الحديث المشهور بسد الأبواب ، وخلاصة الحديث : أنّه كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد ، كانوا يدخلون دورهم منها ، ومنهم الإمام علي ( عليه السلام ) حيث كان باب داره في المسجد ، فكان دخوله وخروجه من هذا الباب ، وكانت بيوت أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) كذلك حول المسجد . .. فنزل الأمر الإلهي على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، بأن يعلن لأولئك النفر أن يسدوا أبوابهم الشارعة على المسجد ، عدا باب علي ( عليه السلام ) يجعله مفتوحاً . حتى العباس عم النبي كان يرجو أن يكون بابه شارعةً على المسجد ، فمنعه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فكان الباب الوحيد المشرع على المسجد هو باب علي ( عليه السلام ) ، فكان يدخل ويخرج منه حتى ولو كان جُنباً .
49 - عمر يستشير علياً ( عليه السلام ) في حرب الفرس .
أخرج المؤرّخون والحفّاظ وآخرون غيرهم في كتبهم ، أنّه ورد على عمر بن الخطاب كتاب فيه ، إنّ الفرس قد قصدوا الهجوم على مركز الحكومة الإسلامية ، فجمع عمر بعض أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منهم الإمام علي يستشيرهم في هذا الأمر ، فأبدى كل واحد منهم رأيه في قتال الفرس ، ورأى عمر أنّ آراء ونظريات هؤلاء وخططهم التي أبدوها لا تنفع وليست بصائبة ، بل أنّ ضررها أكثر من نفعها . فالتفت عمر إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وكان ساكتاً لا يتكلم .
فقال له عمر : يا أبا الحسن لِمَ لا تشير بشيء كما أشار غيرك ؟
فقال علي ( عليه السلام ) : كلاماً نقّص فيه آراء الحاضرين وفنّدها ، ثمّ أبدى رأياً وخطة كان فيها نفع كبير ، وكان في ضمن ما أبداه : إرسال ابنه الإمام الحسن ( عليه السلام ) مع الجند إلى أصفهان ، بأن يحوّل إليه إجراء جزئيات الخطة الإستراتيجية ، فكان من نتائج رأي الإمام علي ( عليه السلام ) وخطته ، انتصار جيوش المسلمين على يهود إيران والزرادشتيين ، وفرار يزدجرد عظيم الفرس ، وبزوغ شمس الإسلام في نصف بقاع الفرس وخاصةً في أصفهان .
ولكن قبل أن نتطرّق إلى قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، تجدر الإشارة هنا إلى واحد من أهل الرأي أبدى رأيه ، واستنكره عمر بن الخطاب ، أَلا وهو خليفة عمر عثمان بن عفان فقال : يا أمير المؤمنين ، اكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شامهم ، وإلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم ، وإلى أهل البصرة فيسيروا من
ـــــــــــــــــــ
وقد روى هذه القصة العشرات من الصحابة ، ونقلها عشرات المحدّثين والمؤرّخين ، وهذه فضيلة عظيمة اختص بها أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) .
بصرتهم ، وسر أنت بأهل هذا الحرم حتى توافي الكوفة ، وقد وافاك المسلمون من أقطار أرضهم وآفاق بلادهم ، فإنّك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعاً وأعز نفراً .
وقال الطبري : قال علي ( عليه السلام ) في بادئ الأمر : ( أقم ، واكتب إلى أهل الكوفة أن يبعثوا ثلثي جندهم ، وليقم ثلث منهم ، واكتب إلى أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم ، ولم يعبّئ من الشام جيشاً ؛ لئلا يفتر جبهة الروم ) .
وإليك الآن رأي الإمام علي ( عليه السلام ) ، الذي استصوبه عمر لمّا استشاره ، فقال فيما قال ( عليه السلام ) : ( إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَلا خِذْلانُهُ بِكَثْرَةٍ وَلا بِقِلَّةٍ ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي أَظْهَرَهُ ، وَجُنْدُهُ الَّذِي أَعَدَّهُ وَأَمَدَّهُ ، حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ وَطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ ، وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ وَنَاصِرٌ جُنْدَهُ ، وَمَكَانُ الْقَيِّمِ بِالأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ ، يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ ، فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ الْخَرَزُ ، وَذَهَبَ ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِهِ أَبَداً ، وَالْعَرَبُ الْيَوْمَ وَإِنْ كَانُوا قَلِيلاً ، فَهُمْ كَثِيرُونَ بِالإِسْلامِ ، عَزِيزُونَ بِالاجْتِمَاعِ ، فَكُنْ قُطْباً وَاسْتَدِرِ الرَّحَى بِالْعَرَبِ ، وَأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ ، فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ ، انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا ، حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ ، إِنَّ الأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا ، هَذَا أَصْلُ الْعَرَبِ ، فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ ، وَطَمَعِهِمْ فِيكَ ، فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ ، وَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ ، فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيمَا مَضَى بِالْكَثْرَةِ ، وَإِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ ) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح خطبة رقم 146 ، الأخبار الطوال : 134، تاريخ الطبري 4 : 114 - 126 حوادث سنة 21 ، الفتوح 2 : 286 - 297 ، وفيه : قال : فلمّا سمع عمر مقالة علي ( عليه السلام ) ، ومشورته أقبل على الناس وقال : ويحكم ! أَعجزتم كلكم عن آخركم
50 - عمر يستفتي علياً ( عليه السلام ) عن حكم شارب الخمر .
أخرج السيوطي وغيره من الحفّاظ : أنّ أناساً من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) شربوا الخمر بالشام ،
فقال لهم يزيد بن أبي سفيان ـ أخو معاوية ووالي الشام من قِبل عمر بن الخطاب ـ : شربتم الخمر ؟
فقالوا : نعم ، لقول الله : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ) (1) حتى فرغوا . .. فكتب يزيد فيهم إلى عمر فكتب إليه : إن أتاك كتابي هذا نهاراً فلا تنتظر بهم الليل ، وإن أتاك ليلاً فلا تنتظر بهم النهار حتى تبعث بهم إليّ ، لا يفتنوا عباد الله ، فبعث بهم إلى عمر فلمّا قدموا على عمر
قال : شربتم الخمر ؟
قالوا : نعم ،
فتلا عليهم : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ . .. ) (2) إلى آخر الآية .
قالوا : اقرأ التي بعدها ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ) .
قال : فشاور فيهم الناس ، فقال لعلي ( عليه السلام ) ـ وكان صامتاً ـ : ما ترى ؟
قال ( عليه السلام ) : ( أرى أنّهم شرّعوا في دين الله ما لم يأذن الله فيه ، فإن زعموا أنّها حلال فاقتلهم ؛ فقد أحلوا ما حرّم الله ، وإن زعموا أنّها حرام فاجلدهم ثمانين ثمانين ؛ فقد افتروا على الله الكذب ، وقد أخبرنا الله بحدِّ ما يفتري به بعضنا على بعض )
ـــــــــــــــــــ
أن تقولوا كما قال أبو الحسن ، والله لقد كان رأيه رأيي الذي أريته في نفسي . .. ( المعرّب )
( 1 ) المائدة : 93.
( 2 ) المائدة : 90 - 91.
: قال : فجلدهم عمر ثمانين ثمانين (1) .
وأخرجه أبو الفرج الأصفهاني بتفاوت يسير (2) .
51 - مراجعة أخرى لعمر في حد الخمر .
ذكر أعاظم العامة منهم أئمتهم الأربعة : أبو حنفية ، مالك ، أحمد بن حنبل ، والشافعي ـ أنّ أبا بكر وعمر لم يكونا يرون الحد الكامل ـ ثمانين جلدة ـ لشارب الخمر ، وإذا واجها هذه المسألة يوماً ما ، فكانا يكتفيان بإجراء أربعين جلدةً فقط .
روي أنّ خالد بن الوليد كان عاملاً لعمر على بعض المدن ، أبلغ عمر بأنّ الناس قد انهمكوا في الخمر ، وتحاقروا العقوبة . فقال عمر لعلي ( عليه السلام ) : ما ترى ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نراه إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعلى المفتري ثمانون جلدةً ) (3) . واستنّ عمر بما قاله علي ( عليه السلام ) ، وبعد ذلك أصبح حدّ الخمر ثمانين جلدةً ، كما أفتى به الإمام علي ( عليه السلام ) .
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) شرح معاني الآثار 3 : 154 كتاب الحدود ، تفسير الدر المنثور 2 : 32 - 322 أخرجه عن ابن أبي شيبة وابن منذر ، فتح الباري 21 : 57 أخرجه عن ابن شيبة .
( 2 ) الأغاني 18 : 198.
( 3 ) الموطأ 2 : 842 كتاب الأشربة باب ( 1 ) ح 1 ، سنن البيهقي 8 : 320 كتاب الأطعمة والأشربة باب ما جاء في عدد حدّ الخمر ، مسند الشافعي : 286 كتاب الأشربة ، شرح معاني الآثار 3 : 153، سُنن الدار قطني 3 : 157 كتاب الحدود ح 223 ، فتح الباري 12 : 57 أخرجه عن الطبراني والطحاوي والبيهقي وص 58 عن عبد الرزاق ، تفسير الدر المنثور 2 : 316 ذيل آية 93 من سورة المائدة ، أخرجه عن أبي الشيخ وابن مردويه والحاكم صحّحه ، كنز العمال 5 : 474 ح 13660 وص 478 ح 13676 وص 479 ح 13680 المستدرك على الصحيحين 4 : 375.
52 - عمر يعترف : لولا سيف علي ( عليه السلام ) لَما قام عمود الإسلام .
قال ابن أبي الحديد : روى أبو بكر الأنباري في أماليه : أنّ علياً ( عليه السلام ) جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس ، فلمّا قام ( عليه السلام ) عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب .
فقال عمر : حق لمثله أن يتيه !! والله لولا سيفه لَما قام عمود الإسلام ، وهو بعد أقضى الأمّة وذو سابقتها وذو شرفها .
فقال له ذاك القائل : فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه ؟
قال : كرهناه على حداثة السن ، وحبه لبني عبد المطلب (1) .
وقد روي كره عمر بن الخطاب لعلي ( عليه السلام ) في موارد عديدة ومواقف كثيرة .
خاصةً في قوله : لو ولّوها ـ يعني الخلافة ـ علياً لسلك بهم الطريق وحملهم على الحق (2) .
53 - عمر يعترف : عين علي ( عليه السلام ) عين الله عزّ وجل .
أخرج محب الدين الطبري بسنده : كان عمر يطوف بالبيت وعلي ( عليه السلام ) يطوف أمامه ، إذ عرض رجل لعمر فقال : يا أمير المؤمنين ، خذ حقي من علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
قال : وما باله ؟
قال : لطم عيني ، فوقف عمر حتى لحق به علي ( عليه السلام ) ، فقال : أَلطمت عين هذا ، يا أبا الحسن ؟
ـــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) شرح نهج البلاغة 12 : 82.
( 2 ) ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق 3 : 106 - 108 ح 1136 - 1137 أخرجه عن طريقين ، أنساب الأشراف 2 : 855 ، الاستيعاب 3 : 1130.
قال ( عليه السلام ) : نعم .
قال عمر : ولِمَ ؟
قال ( عليه السلام ) : لأنّي رأيته يتأمل حرم المؤمنين في الطواف .
فقال عمر : أحسنت ، يا أبا الحسن .
ثمّ أقبل على الرجل فقال : وقعت عليك عين من عيون الله عزّ وجل (1)
54 - عمر يعترف : علي ( عليه السلام ) مولاي ومولى كل مسلم .
روى العلاّمة الخطيب الخوارزمي وغيره من الحفّاظ بإسنادهم : أنّ رجلاً نازع عمر في مسألة .
فقال عمر : بيني وبينك هذا الجالس ـ وأشار إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وكان جالساً في المسجد ـ .
فقال الرجل : هذا الأبطن !! ـ الظاهر أنّه لم يكن يعرف علياً ( عليه السلام ) ـ . فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض ، ثمّ قال : ويلك أتدري مَن صغّرت ؟! هذا علي بن أبي طالب مولاي ومولى كل مسلم (2) .
وجاء في رواية الحسكاني : أمر عمر علياً ( عليه السلام ) أن يقضي بين رجلين ، فقضى بينهما ، فقال الذي قضى عليه : هذا الذي يقضي بيننا ؟! وكأنّه ازدرى علياً ( عليه السلام ) ، فأخذ عمر بتلبيبه فقال : ويلك وما تدري مَن هذا ؟ هذا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، هذا مولاي ومولى كل مؤمن ، فمَن لم يكن مولاه فليس بمؤمن (3) .
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الرياض النضرة 3 : 165.
( 2 ) المناقب للخوارزمي : 161 فصل ( 14 ) ح 192 ، الرياض النضرة 3 : 128.
( 3 ) شواهد التنزيل 1 : 348 ح 362 ذيل آية ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدَى. .. ) يونس : 35 وبهامشه خمسة أحاديث ممّا يتعلق بالباب ، الفتوحات الإسلامية : 417 - 418.
أقول : ولعلّ هذه القصة غير الأُولى ، وإنّ القصتين قد وقعتا في زمانين مختلفين .
55 - عمر يعترف : علي ( عليه السلام ) مولى كل مؤمن ومؤمنة .
أخرج العلاّمة محب الدين الطبري وغيره من المحدّثين ، بإسنادهم عن عمر وقد جاءه أعرابيان يختصمان ، فقال لعلي ( عليه السلام ) : اقضِ بينهما ، يا أبا الحسن ، فقضى علي ( عليه السلام ) بينهما . فقال أحدهما : هذا يقضي بيننا ؟! فوثب عليه عمر وأخذ بتلبيبه ، وقال : ويحك ما تدري مَن هذا ؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، ومَن لم يكن مولاه فليس بمؤمن (1) .
56 - عمر يعترف : علي ( عليه السلام ) أعلم الناس بالقرآن ، وبالنبي ( صلى الله عليه وآله ) (2) .
أخرج المحقّق العلاّمة العاصمي وغيره ، بإسنادهم عن أبي الطفيل ـ الصحابي العظيم ـ
قال : شهدت الصلاة على أبي بكر الصدّيق ، ثمّ اجتمعنا إلى عمر بن الخطاب فبايعناه ، وأقمنا أياماً نختلف إلى المسجد إليه ، حتى أَسموه ( أمير المؤمنين ) ،
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) الرياض النضرة 3 : 128 وقال : خرّجه ابن السمان ، المناقب للخوارزمي : 160 فصل ( 14 ) ح 191 ، ذخائر العقبى : 68 ، الصواعق المحرقة : 179 خرّجه عن الدار قطني ، شواهد التنزيل 1 : 348 ح 362 ذيل آية ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ . .. ) يونس 35 ، الفتوحات الإسلامية : 417 - 418، وسيلة المال ( مخطوط ) .
( 2 ) أورد المؤلّف حفظه الله هذه الرواية بشكل موجز ومختصر ، واكتفى بذكر اعتراف عمر بن الخطاب ، بكون الإمام علي ( عليه السلام ) أعلم الناس طراً بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) والقرآن العظيم ، ولمّا كانت الرواية حاويةً لبعض النقاط الكاشفة عن المناقب الجسمية للإمام علي ( عليه السلام ) ، وكذا تكشف عن جهل عمر بن الخطاب ، وعدم معرفته بالقرآن والنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، رأيت أنّ نقل الحديث بتمامه أحجى وأتم للحجة ، لمَن أراد معرفة الحق وأتباعه . ( المعرّب )
فبينما نحن عنده جلوس ، إذ أتاه يهودي من يهود المدينة ، وهم يزعمون أنّه من وُلد هارون أخي موسى بن عمران ( عليه السلام ) ، حتى وقف على عمر فقال له : يا أمير المؤمنين ، أيّكم أعلم بنبيكم وبكتاب نبيكم حتى أساله عمّا أريد ؟
ـ قال أبو الطفيل ـ فطأطأ عمر رأسه .
فقال له اليهودي : إيّاك أعني ، وأعاد عليه القول .
فقال له عمر : وما ذاك ؟
قال : إنّي جئتك مرتاداً لنفسي شاكّاً في ديني .
فقال عمر : دونك هذا الشاب .
قال : ومَن هو هذا الشاب ؟ .
قال عمر : هذا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو أبو الحسن والحسين ، وزوج فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
ثمّ قال : هذا أعلم بنبينا وبكتاب نبينا.
قال اليهودي : أكذلك أنت يا علي ؟
قال ( عليه السلام ) : نعم ، سلْ عمّا تريد .
قال : إنّي مسائلك عن ثلاث وثلاث وواحدة .
فتبسّم علي ( عليه السلام ) ثمّ قال له : يا هاروني ، ولِمَ لا تقول : إنّي سائلك عن سبع ؟
فقال اليهودي : أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهنّ ، أسألك (1) عن الواحدة ، وإن أخطأت في الثلاث الأُوَل لم أسألك عن شيء .
وقال له علي ( عليه السلام ) : وما يدرك إذا سألتني فأجبتك أخطأت أم أصبت ؟
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) كذا في زين الفتى ، والصحيح : أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهنّ سألت عمّا بعدهنّ ، فإن أصبت أسألك .
قال : فضرب بيده على كمه فاستخرج كتاباً عتيقاً
فقال : هذا كتاب ورثته عن آبائي وأجدادي ، بإملاء موسى ( عليه السلام ) وخط هارون ( عليه السلام ) ، وفيه هذه الخصال التي أريد أن أسالك عنها .
فقال علي ( عليه السلام ) : والله عليك إن أجبتك فيهنّ بالصواب أن تسلم ـ لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني ـ
قال له : والله ـ ما جئت إلاّ لذلك ـ لئن أجبتني فيهنّ بالصواب لأسلمنّ الساعة على يديك .
قال له علي ( عليه السلام ) : سلْ .
قال : أخبرني. .. عن محمد ( صلى الله عليه وآله ) كم بعده من إمام عادل ، وفي أي جنة يكون ، ومَن يساكنه في الجنة ؟ قال علي ( عليه السلام ) : يا هاروني ، إنّ لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) من الخلفاء اثنا عشر إماماً عادلاً لا يضرهم مَن خذلهم ، ولا يستوحشون لخلاف مَن خالفهم ، وإنّهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي في الأرض ، ويسكن محمد ( صلى الله عليه وآله ) في جنته مع أولئك الاثني عشر إماماً العدل .
قال : صدقت ، والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لأجده في كتب أبي هارون ، كتبه بيده وإملاء موسى عمي ( عليه السلام )
قال : فأخبرني عن الواحدة ، أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده ؟ وهل يموت أو يقتل ؟
قال ( عليه السلام ) : يا هاروني ، يعيش بعده ثلاثين سُنة ثمّ يضرب هاهنا - يعني قَرنه - فتُخضب هذه من هذا .
قال أبو الطفيل : فصاح الهاروني وقطع تسبيحه ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمد رسول الله (1) .
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) زين الفتى 1 : 304 ح 218 ، فرائد السمطين 1 : 354 ح 280 ، الغدير 6 : 268 - 269.
57 - عمر يعترف : علي ( عليه السلام ) أولى الناس بالخلافة .
روى العلاّمة ابن أبي الحديد المعتزلي ـ نقلاّ عن كتاب السقيفة لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ـ بإسناده عن ابن عباس ، قال : مرّ عمر بعلي ( عليه السلام ) وأنا معه بفناء داره ، فسلّم عليه
فقال له علي ( عليه السلام ) : أين تريد ؟
قال : البقيع .
قال ( عليه السلام ) : أَفلا تصل صاحبك ويقوم معك ؟
قال عمر : بلى .
فقال لي علي ( عليه السلام ) : قم معه .
فقمت فمشيت إلى جانبه فشبك أصابعه في أصابعي ، ومشينا قليلاً حتى إذا خلّفنا البقيع قال لي عمر : يا بن عباس ، أَما والله ، إنّ صاحبك هذا ـ يعني علياً ( عليه السلام ) ـ لأَولى الناس بالأمر بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، إلاّ أنّا خفناه على اثنين .
قال ابن عباس : فجاء بكلام لم أجد بدّاً من مساءلته عنه ، فقلت : ما هما ؟ قال عمر : خفناه على حداثة سِنه ، وحبه بني عبد المطلب (1) .
58 - عمر يعترف : المنبر حق علي ( عليه السلام ) .
أخرج العلاّمة الخطيب البغدادي وغيره : أنّ الحسين ( عليه السلام ) جاء لعمر وهو على المنبر فقال : ( انزل عن منبر أبي ) . فقال له : منبر أبيك ولا منبر أبي . وزاد ابن سعد : أنّه أخذه فأقعده على جنبه ، وقال : وهل أنبت الشعر على
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) شرح نهج البلاغة 6 : 50 - 51 ، السقيفة وفدك : 73.
رؤوسنا إلاّ أبوك ، أي أنّ الرفعة ما نلناها إلاّ به (1) .
59 - عمر يعترف : علي ( عليه السلام ) أخو النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
أخرج العلاّمة ابن حجر عن الدار قطني : أنّ عمر سأل عن علي ( عليه السلام ) فقيل له : اذهب إلى أرضه .
فقال : اذهبوا بنا إليه ، فوجدوه يعمل فعملوا معه ساعةً ، ثمّ جلسوا يتحدثون
فقال له علي ( عليه السلام ) : أرأيت لو جاءك قوم من بني إسرائيل فقال لك أحدهم : أنا ابن عم موسى ( عليه السلام ) ، أكانت له عندك أثرة على أصحابه ؟
قال عمر : نعم .
قال علي ( عليه السلام ) : فأنا والله ، أخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وابن عمه .
قال : فنزع عمر رداءه فبسطه ، فقال : والله لا يكون لك مجلس غيره حتى نفترق (2) .
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) تاريخ بغداد 1 : 141، الطبقات الكبرى ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) : 31 ح 219 ، مقتل الحسين ( عليه السلام ) : 145 ، تاريخ مدينة دمشق 14 : 175 ، تاريخ الإسلام 3 : 5 ، كفاية الطالب : 424 ح 1116 ، كنز العمال 13 : 654 ح 37662 ، الإصابة 2 : 69 ترجمة الإمام الحسين بن علي ( عليه السلام ) رقم 1729 ، الصواعق المحرقة : 177، ينابيع المودة : 206 باب 59 ، وسيلة النجاة خرّجه عن ابن عساكر الدمشقي ، والسيوطي وابن حجر ، تاريخ الخلفاء : السيرة الحلبية 1 : 443 . وفيه تحريف بأنّ الإمام علي ( عليه السلام ) هدّد الحسين وشجب فعله ، سير أعلام النبلاء 3 : 285، الرياض النضرة 2 : 341.
( 2 ) الصواعق المحرقة : 179.

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)
رد مع اقتباس