عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية انا شيعي من النجف
انا شيعي من النجف
عضو متواجد
رقم العضوية : 8972
الإنتساب : Aug 2007
المشاركات : 133
بمعدل : 0.02 يوميا

انا شيعي من النجف غير متصل

 عرض البوم صور انا شيعي من النجف

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : انا شيعي من النجف المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-10-2009 الساعة : 08:22 PM


أما ما جاء في روايات الجمهور حول الاثني عشر إماما الموصى بهم . فقد ذكر الترمذي في صحيحه بسنده إلى جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
" يكون بعدي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش " و في مستدرك الصحيحين للحاكم ، عن عون ابن أبي جحيفة عن أبيه قال : كنت مع عمي عند النبي صلى الله عليه و آله فقال :
" لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة " ثم قال كلمة و خفض بها صوته فقلت لعمي و كان أمامي : ما قال يا عم ؟ قال يا بني : " كلهم من قريش " .
و حاول بعض أهل السنة ، أن يتصنعوا في تأويل هذه الأحاديث ، و ما شابهها : أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة ، و قوة الإسلام و استقامة أموره و الاجتماع على من يقوم بالخلافة . و قد وجد هذا فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن
اضطرب أمر بني أمية ، و وقعت بينهم الفتنة زمن وليد بن يزيد . و حاول بعضهم مثل ابن كثير و صاحب فتح الباري و صاحب الصواعق أن يؤولوها تأويلا إسقاطيا لا سند له من الموضوعية . فادعوا أن الأئمة الاثنا عشر هم الخلفاء
الثلاثة ثم علي ، و بعده معاوية فيزيد ـ ذلك أن الحسن لم يجتمعوا عليه ـ فعبد الملك و أولاده الأربعة الوليد ، و سليمان ، فيزيد ، فهشام . و الثاني عشر : الوليد بن يزيد بن عبد الملك .
و طبيعي ، إن هذا التأويل أكثر تعسفا مما سبق لأنه مجرد إسقاطات تتغذى بالوضع السياسي الجاهز و لا تركن إلى سند من العقل أو النص .
و جاء في الصواعق المحرقة بإخراج البغوي ، بسند حسن عن عبد الله بن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : ( يكون خلفي اثنا عشر خليفة ، أبو بكر لا يلبث إلا قليلا ) ، قال الأئمة : صدر هذا الحديث
مجمع على صحته .
و اعتراف ابن حجر ، بالإجماع على صدر هذا الحديث ، دليل على أن المحرفين تصرفوا في مؤخرته و هذا دليل على التزوير الذي شهدته مدرسة الجمهور . و ترتفع البراءة التي تدعى .
و لهذا و ردا على هذا المنطق يقول الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة :
( قال بعض المحققين! إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثنا عشر قد اشتهر من طرق كثيرة فبشرح الزمان ، و تعرف الكون و المكان : علم أن مراد رسول الله صلى الله عليه و آله من
حديثه هذا : الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته و عترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه ، لقلتهم عن اثني عشر ( و هم أربعة ) و لا يمكن أن يحمل على ملوك الأموية لزيادتهم على أثني عشر ( و هم
ثلاثة عشر ) ، و لظلمهم الفاحش ، إلا عمر بن عبد العزيز ، و لكونهم غير بني هاشم لأن النبي صلى الله عليه و آله قال : كلهم من بني هاشم في رواية عبد الملك عن جابر ) .
ولم يكن يدعي الاثني عشر ، سوى أئمة أهل البيت . فإذا أضفنا إلى كون الاثنا عشر إماما كلهم ذوو كفاءة ، و كلهم من قريش و كلهم يدعيها . ترتب أن يكونوا هم الاثنا عشر المشار إليهم بالنص . لأن الواقع لم يأت بما كذب ذلك
.
و ما دام عجز الجمهور عن تبرير هذا النص ، و تقريبه من الواقع ، فإن الروايات الشيعية أثبتته بالإجماع فقد ورد في منتخب الأثر منقولا عن كفاية الأثر ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : معاشر
أصحابي إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح و باب حطة في بني إسرائيل ، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي ، و الأئمة الراشدين من ذريتي فإنكم لن تضلوا أبدا .
فقيل : يا رسول الله كم الأئمة بعدك ؟ .
قال : اثنا عشر من أهل بيتي أو قال من عترتي .
و كذلك ذكر القندوزي الحنفي في الينابيع : عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
" أنا سيد النبيين و علي سيد الوصيين ، و إن أوصيائي بعدي أثنا عشر أولهم علي و آخرهم القائم المهدي " .
و ذكر الحمويني الشافعي في فرائد السمطين ، عن أبو عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و آله : إن خلفائي و أوصيائي و حجج الله على الخلق بعدي ، اثنا عشر أولهم أخي و آخرهم ولدي .
ولم يدع الاثني عشر إماما إلا الشيعة الإمامية . فينتفي إذن ما يعارضها .
و يحتاج ردها إلى دليل قاطع نقلي و عقلي ، مثلما أثبتوها لأئمتهم عقلا و نقلا .
2 ـ عصمة الإمام :
كذلك إذا بحثنا مدى انسجام هذه الطرحة ، مع واقع الأئمة الاثني عشر ، نجدها أكثر موضوعية فيما لو أسندت إلى الأئمة من آل البيت ( عليه السلام ) و الأدلة العقلية و الاعتبارية لا تقل عن النصوص المباشرة في هذا الموضوع .
إن غير الأئمة الاثني عشر لم يدعها صراحة . و العصمة لتقتضي طيب المولد و عدم ارتكاب الفواحش قبل الإسلام أو بعده . و غير الأئمة لم يتوفر على ذلك .
و الإمام علي ( عليه السلام ) هو الوحيد الذي لم يعبد الأصنام ولم يرتكب فاحشة في الجاهلية . و مهما كان الأمر و السبب فإن النتيجة واحدة ، هي الطهارة و العصمة .
و الباحث في سيرة الأئمة من لدن علي إلى آخرهم ، يتبين له مدى استقامتهم على طريق الإسلام ، ولم يحصي التاريخ لأحدهم زلة تناقض العصمة .
و كلهم كانوا مصدر علوم ولم يحتاجوا إلى غيرهم في شيء ، و ورثوا العلم و الرئاسة و العصمة بشكل متراتب أبا عن جد ، بخلاف من هم دونهم .
أما ما يثبت ذلك نقلا ، فإن آل البيت وردت فيهم آيات قرآنية و روايات نبوية تدل دلالة نافذة على ذلك .
آية التطهير : قوله تعالى : ? ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ? [27] .
ثبت بإجماع الجمهور مفسرين ومحدثين إن الآية نزلت في علي و الحسن و الحسين و فاطمة ( عليهم السلام ) .
و من ذلك ما أخرج مسلم في صحيحه عن صفية بنت شيبة قالت : قالت عائشة:
خرج النبي ( صلى الله عليه و آله ) غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدله ، ثم قال :
? ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ? [28] .
و في صحيح الترمذي عن أم سلمة ، لما نزلت الآية : ? ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ? [29] في بيت أم سلمة ، فدعا فاطمة و حسنا و حسينا و عليا خلف ظهره فجللهم بكساء ثم قال :
اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا .
قالت أم سلمة : و أنا معهم يا نبي الله؟ .
قال : ( أنت على مكانك و أنت على خير ) .
و في آية التطهير مجموعة دلالات ، يستحسن الوقوف على مضامينها .
فالآية ، في البدء منصرفة ، حيث حددت ( آل البيت ) في الرسول صلى الله عليه و آله و علي و فاطمة و حسن و حسين . و بذلك ترتفع الإمامة و العصمة عن غير هؤلاء .
و يصبح لآل البيت مفهوم خاص غير ذلك الذي يتحدد بالنسب ، و إلا ، فأولى بأزواج النبي صلى الله عليه و آله أن يكن من أهل بيته فيما لو كانت القضية خاضعة لمفهوم عام غير محدد ، و لكان صلى الله عليه و آله أدخل في كسائه ،
أفرادا آخرين من آل البيت غير هؤلاء .
ثم الآية تفيد أن القضية محصورة في نطاق آل البيت ، أو بالأحرى فإن الطهارة هي من خصائص آل البيت ، يدل على ذلك أداة الحصر إنما في ? ... يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ... ? [30] .
ثم تحدثت الآية عن قضيتين هما : الرجس ثم الطهارة .
و الرجس في اللغة حسب ابن منظور و غيره ، تعني الذنوب و تعني أيضا الأقذار .
و العاقل لا يستطيع تقبل مفهوم الأقذار كتفسير للآية . إذ أن الطهارة من القاذورات ، لا تحتاج إلى إرادة إلهية لدنية . و إنما المسألة تتعلق بالقاذورات المعنوية ، و هي الذنوب و المعاصي .
أما الطهارة فتعني التنزيه من هذه المعاصي و الذنوب .
و حاول البعض أن يتحايل على هذا النص ، فيقول بالطهارة التشريعية التي تعتمد الأحكام المنزلة عليهم ، أي إن آل البيت يتنزهون عن المعاصي بالأحكام التي نزلت في القرآن ، و هذا تأويل ناقص لأن الطهارة التشريعية بهذا المفهوم
تستبطن أمرين :
1 ـ إذا كان الله يريد أن ينزه الدنيا بتشريعه آل البيت ، فيكون هذا ظلما ، و لا يجوز في حق الله تعالى ، إذ كيف ينزه هؤلاء بإرادته و لا ينزه الناس الآخرين .
2 ـ إذا كان الله يقصد تطهيرهم بأحكام الشرع المنزلة عليهم في القرآن ، فهذا لا يتطلب آية للحصر في آل البيت ، يعم جميع الناس من دون استثناء .
فتبقى المسألة الرئيسة أن الله طهرهم طهارة تكوينية خاصة ، تميزهم عن الباقين .
و قد يرى البعض في ذلك نوعا من الظلم الذي لا يجوز على الله ، إذ كيف يجبر البعض على العصمة و لا يجبر الآخرين .
و لا نريد هنا أن نتوسع عقليا و نقليا في هذا الموضوع الذي أرتأينا توفيره إلى مبحث العقائد الخاصة إلا أننا سنرد على ذلك ، بأن الاعتراض على إرادة الله في عصمة آل البيت ، يجوز الاعتراض على إرادته سبحانه في عصمة الأنبياء و
اختيارهم ، إذ أن الموضوع واحد ، و مضامينه واحدة .
ثم إن للعصمة التي نتحدث عنها هنا تفسيرا تقريبا ، يختلف مع ما يراه البعض .
الإمامية ترى إن الإمام لا يفعل إلا الحسن ، أما المكروهات فلا يفعلها ، و إن كان قادرا على الإتيان بها .
فهناك مواقع نفسية و روحية تحول دونه و ذلك ، سببها التزكية مصحوبة باللطف الإلهي .
أي إن هؤلاء تعبوا على أنفسهم في التزكية و السمو الروحي حتى اكتسبوا عصمة تحول دونهم و الخطايا و لما علم الله أن هؤلاء على مقدرة كافية الاستقامة ، عزز عصمتهم بلطفه . و إذا رأى إنسان في هذا ظلما ، قلنا له إن علم الله
بنزاهة هؤلاء هو الذي ترتب عليه هذا التدخل الإرادي في عصمتهم ، و الله يحاسب عباده على قدر إيمانهم ، و قد وفر التوبة لغير الأئمة في الأمور التي لا يقوون على إتيانها . و إذا كانت صلاة الليل قد فرضت على الأنبياء و الأولياء ،
فإنها لم تفرض على من هم دون ذلك . و قد يثبت في علم الله ، إن غير هؤلاء لا يستطيعون عصمة أنفسهم بذلك القدر الذي يستحق التسديد الإلهي .
يرى السيد محمد تقي الحكيم ( إن الله عز وجل لما علم أن إرادتهم عليهم السلام تجري دائما على وفق ما شرعه لهم من أحكام ، بحكم ما زودوا به من إمكانات ذاتية و مواهب مكتسبة ، نتيجة تربيتهم على وفق مبادئ الإسلام تربية
حولتهم في سلوكهم إلى إسلام متجسد ، ثم بحكم ما كانت لديهم من القدرات إلى إكمال إرادتهم وفق أحكامه التي استوعبوها علما و حكمة ، فقد صح له الإخبار ان ذاته المقدسة بأنه لا يريد لهم بإرادته التكوينية إلا إذهاب الرجس عنهم ، لأنه
لا يفيض الوجود إلا على هذا النوع من أفعالهم ما داموا هم لا يريدون لأنفسهم إلا ذهاب الرجس و التطهير عنهم ) أهل السنة و الجماعة لا يرفضون العصمة إلا في حدود مصطلحها ، أما ضمونا فإنهم يقرون بها لجميع الصحابة ، ذلك
أنهم يرون أنهم جميعا عدول .
و ليست العدالة كما هي في مفهوم العامة و ذهنيتهم ، سوى تلك العصمة التي يراها لشيعة في أئمتهم .
و لا يكلفك أن تكون شيعيا أكثر من أن تتعامل مع أئمة أهل البيت ، كما تعامل مع أبي بكر و عمر .
فالعدالة و العصمة الاعتبارية كما يراها السنة لهؤلاء لا تقل عن تلك التي يراها لشيعة في الأئمة .
و الإنسان قد يصل إلى درجة ما من العصمة ، فيما لو طبق القرآن . أي كتسب عصمة معينة .
و هدف الإسلام ، هو أن يصنع أناسا قرآنيين أي على قدر من العصمة ، و إذا ان متاحا لكل الناس أن يلتمسوا هذا القدر من العصمة عن طريق التربية المجاهدة ، فأولى بآل البيت أن يصلوها . لأنهم جهدوا على أنفسهم بشكل عجز عنه
غيرهم .
و من النصوص المنقولة الدالة على عصمتهم حديث السفينة :
ورد في مستدرك الصحيحين للحاكم عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال :
سمعت أبا ذر يقول و هو آخذ بباب الكعبة : أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ، و من أنكر فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول :
( مثل أهل بيتي كسفينة سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق ) .
و في إحياء الميت للسيوطي عن البزار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :
( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا و من تخلف عنها غرق ) .
و في لفظ الطبراني ، زاد : و مثل باب حطة من بني إسرائيل .
و هذا الحديث ، يحمل دلالة قوية على عصمة الأئمة ، ذلك لو جاز أن يعصوا الله لما أمر الرسول صلى الله عليه و آله باتباعهم و لما جعلهم نجاة للأمة من الغرق .
و جاء في قوله تعالى : ? ... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ... ? [31] .
ورد في الصحيحين و أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال : لما نزل : ? ... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ... ? [32] قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي ،
فاطمة ، الحسن و الحسين .
و لهذا الحديث دلالة أخرى على العصمة ، ذلك أن المودة يستتبعها واجب الطاعة ، و لا يجوز المودة المطلقة لآل البيت فيما لو جازت عليهم المعصية ، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . و الذي يبدو من الرواية هو الاطلاق .
دليلا على عصمتهم ، و روى الحاكم في المستدرك و ابن كثير في التفسير و كذا الطبري و تفسير الشوكاني ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله أنا المنذر و علي الهادي ، و بك يا علي يهتدي المهتدون .
و لا يجوز عقلا أن يكون هاديا من جازت في حقه المعصية .
و في قوله تعالى : ? إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ? [33] .
جاء في صحيح مسلم : قلت : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه و أما الصلاة عليك فكيف هي؟ فقال : قولوا : اللهم صل على محمد و آل محمد ، كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم .
و هذا إنما يدل على عصمتهم . إذ لو جازت فيهم المعاصي لما أمر الله بالصلاة عليهم و التعبد إلى الله بهم ، فكيف يتقرب إلى الله بأهل المعصية .
و في مسند ابن حنبل ، و في الجمع بين الصحيحين ، أن النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي ( عليه السلام ) : " لا يحبك إلا مؤمن ، و لا يبغضك إلا منافق " .
و إطلاق الحكم على هذا المنوال فيه دلالة على العصمة . إذ لو جاز أن يعصي الله ، إذا لكان من الإيمان بغض علي ( عليه السلام ) بل و ليس من الإيمان حب على معصية . و إذا ، فإن إطلاقها يدل على أنه متواصل الامتناع عن
المعصية أي معصوم عنها .
و لا أدل على العصمة من الحديثين التالين :
1 ـ في الجمع بين الصحاح الستة ، عن النبي صلى الله عليه و آله قال : " رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار " و في تاريخ بغداد ، و الحاكم في المستدرك و كنز العمال روى أحمد بن موسى بن مردويه ، عن عائشة :
أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : " الحق مع علي و علي مع الحق ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " .
و التبشير بالإمام علي ( عليه السلام ) و الحكم القاطع على أنه لا يفارق الحق ، هو شهادة من معصوم على عصمة الإمام .
2 ـ ورد في صحيح مسلم ، عن زيد بن أرقم : أيها الناس ، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ، و إني تارك فيكم الثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور ، فخذوا بكتاب الله ، و استمسكوا به ، فحث على كتاب الله و
رغب فيه ثم قال : و أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي .
و الحديث بالتواتر الذي ميزه ، يعد دليلا على العصمة ، لأن الله قرن بين القرآن و آل البيت و في حديث آخر للترمذي ( فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) و تلك شهادة على العصمة .
3 ـ أفضلية الإمام :
كنا قد أثبتنا ضرورة إمامة الأفضل على خلاف أهل السنة و الجماعة ، ذلك أن هؤلاء يجوزون إمامة المفضول و تبعية الفاضل ، و هو أمر مخالف للوجدان و عليه فإننا في مقام البحث في الانسجام بين طرحة ( أفضلية الإمام ) و آل
البيت ، كانوا هم طلائع الأمة الأول ، فالقرآن قال : ? ... الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ... ? [34] .
و هذه الآية دليل على خصوصيات آل البيت و أفضليتهم على مستوى الكفاية الروحية و العقلية .
كذلك لما رفعهم الرسول صلى الله عليه و آله إلى مقام القرآن و قرنهم به في حديث الثقلين كما تقدم .
و في رواية أحمد بن المشد و الزمخشري في الكشاف ، قال ابن عمر : كان لعلي ثلاثة ، لو كان لي واحدة منها كانت أحب إلي من حمر النعم : تزويجه بفاطمة و إعطاء الراية يوم خيبر و أية النجوى .
و في مسند أحمد و الجمع بين الصحاح الستة أن الرسول صلى الله عليه و آله بعث ( براءة ) مع أبي بكر إلى أهل مكة ، فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه عليا ، فرده ، فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه و آله فقال :
يا رسول الله أنزل في شيء ؟ قال : لا ، و لكن جبرائيل جاءني و قال :
لا يؤدي عنك إلا أنت ، أو رجل منك :
و في ذلك تفضيل للإمام علي على أبي بكر ، و هو الظاهر و الصريح .
و في حديث المنزلة كما أخرجه البخاري في صحيحه و مسلم من طرق مختلفة : إن النبي صلى الله عليه و آله لما خرج إلى تبوك ، استخلف عليا في المدينة ، على أهله ، فقال علي : ما كنت أوثر أن تخرج في وجه إلا و أنا معك .
فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي
بعدي .
و هذا الحديث يدل على أن الذي يأتي بعد الرسول صلى الله عليه و آله هو علي ( عليه السلام ) في الأفضلية و ما إليها من النصوص الدالة على ذلك .
و التاريخ يشهد أن الإمام عليا و الأئمة ( عليهم السلام ) ، كانوا هم الأفضل في كل الميادين .
و لو قارنا عليا ( عليه السلام ) مع باقي الصحابة ، وجدناه أكثرهم شجاعة و جهادا ، و أفضلهم تقوى و ورعا و أفضلهم علما و فقها و قضاء .
كما يؤكد التاريخ إن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، كانوا ملجأ لكل سائل في العلم ، ولم يثبت عنهم أنهم قالوا كما كان يفعل الآخرون ( لا نعلم ) و كلهم كان يستقي علمه من آبائه ، أبا عن جد . ولم يرو التاريخ أن واحدا
من آل البيت ، درس على واحد من العامة . و أهل البيت هم مصدر العلوم .
و الإمام الصادق هو الفقيه الأول و تتلمذ عليه باقي علماء و فقهاء أهل السنة ، و أخذ منه الأئمة الأربعة و قالوا فيه كلاما كثيرا .
و التحديات التي واجهها آل البيت على مستوى الكفاح و الجهاد ، كانت أكبر مثال في تاريخ الشجاعة و الجهاد البشري . و لا أدل على ذلك من ملحمة كربلاء و قبل ذلك مواقف الإمام علي ( عليه السلام ) .
نريد من هذا كله أن نؤكد على انسجام الإمامة و العصمة و الأفضلية بأشخاص أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ليتبين مفهوم الإمامة عند الشيعة ، حيث انفردوا عن باقي المذاهب في تقييدها و بلورتها و إزالة اللبس عن مفهومها
[35] .

-----------------------------

[1] القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 38 ، الصفحة : 487 .
[2] القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآية : 31 ، الصفحة : 491 .
[3] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 247 ، الصفحة : 40 .
[4] القران الكريم : سورة الزمر ( 39 ) ، الآية : 9 ، الصفحة : 459 .
[5] القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 213 .
[6] نهج البلاغة شرح محمد عبده .
[7] نهج البلاغة شرح محمد عبده .
[8] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 124 ، الصفحة : 19 .
[9] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 124 ، الصفحة : 19 .
[10] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 247 ، الصفحة : 40 .
[11] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 247 ، الصفحة : 40 .
[12] القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 55 ، الصفحة : 117 .
[13] التفسير الكبير للفخر الرازي .
[14] القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 25 ، الصفحة : 313 .
[15] القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 313 .
[16] القران الكريم : سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 389 .
[17] القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 55 ، الصفحة : 117 .
[18] أنظر الخصائص للإمام النسائي ، و الدر المنثور للسيوطي و الطبراني في الأوسط ، و في التفسير ذكره الطبري ، و القرطبي و الواجدي في أسباب النزول ، و تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي و أحكام القرآن للجصاص ، و ابن
كثير في التفسير و . .
[19] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 124 ، الصفحة : 19 .
[20] رواه ابن المغازلي في المناقب ، و الكشفي الترمذي في المناقب .
[21] القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 24 ، الصفحة : 446 .
[22] أخرجه الديلمي ، و ابن حجر في الصواعق المحرقة .
[23] القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآية : 45 ، الصفحة : 492 .
[24] رواه الحاكم ، و الخوارزمي و ذكر في كنز العمال .
[25] القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 107 .
[26] الدر المنثور ، تفسير ابن كثير ، البداية والنهاية ، تذكرة الخواص ، ابن عساكر ، شواهد التنزيل .
[27] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .
[28] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .
[29] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .
[30] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 422 .
[31] القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 .
[32] القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 .
[33] القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 56 ، الصفحة : 426 .
[34] القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 .
[35] المصدر : كتاب لقد شيعني الحسين ( عليه السلام ) الانتقال الصعب في المذهب و المعتقد لإدريس الحسيني : 359 ـ 380 .


توقيع : انا شيعي من النجف

من مواضيع : انا شيعي من النجف 0 لماذا رفع علم الجيش الحر في المظاهرات الصدرية
0 راسب يا حسني مبارك
0 التمرين العجيب لتحسين سرعة حرق الدهون في الجسم
0 كيف تتخلص من عاداتك السلبية في 8 خطوات مصورة؟
0 ذكرى شهادة السيد عبد المجيد الخوئي
رد مع اقتباس