عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية خادم الشيخ الكوراني
خادم الشيخ الكوراني
عضو برونزي
رقم العضوية : 36604
الإنتساب : May 2009
المشاركات : 1,124
بمعدل : 0.21 يوميا

خادم الشيخ الكوراني غير متصل

 عرض البوم صور خادم الشيخ الكوراني

  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : عاشق الامام الكاظم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-06-2009 الساعة : 02:06 AM


ولابئس مادمنا في رحاب الامام الحجة (عج) نثبت وجود الامام الحجة من كتب اهل السنة
ونكتفي هنا بما ذكره العلامة المجلسي في كتابه (حقّ اليقين)،(1) ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتاب (النجم الثاقب).
(المهدي في روايات أهل السنة):
قال: اعلم انّ الخاصة والعامة روت أحاديث ظهور المهدي عليه السلام وخروجه بطرق متواترة، منها ما روي في جامع الأصول عن صحيح البخاري، ومسلم، وأبي داوُد، والترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى عليه وآله انّه قال: والذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم صلى الله عليه حكماً مقسطاً، فيكسر الصّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية (أي لا يقبل ديناً غير الإسلام) ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.(2)
وقال صلى الله عليه وآله: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم(3) (أي المهدي عليه السلام).
وروي في صحيح مسلم عن جابر انّه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه، فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، انّ بعضكم على بعض امراء تكرمة الله هذه الأمة.(4)
وروي في مسند أبي داوُد (والترمذي) عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: لو لم يبق من الدنيا الاّ يوم، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث (الله) فيه رجلاً منّي (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي...، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.(5)
وعلى رواية انّه: لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.(6)
وروي عن أبي هريرة انّه قال: لو لم يبق من الدنيا الاّ يوم لطوّل الله جل جلاله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.(7)
وروى في سنن أبي داوُد عن عليّ عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: «لو لم يبق من الدهر الاّ يوم، لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً».(8)
وروى في سنن أبي داوُد أيضاً عن امّ سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى عليه وآله يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».(9)
وروى أبو داوُد والترمذي عن أبي سعيد الخدري انّه قال: قال رسول الله صلى عليه وآله: «المهدي منّي أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين».(10)
وروى أبو داوُد والترمذي عن أبي سعيد الخدري انّه قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبي الله 9، فقال: انّ في أمتي المهدي، يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً _ زيدٌ الشاك _ قال: قلنا وما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهدي اعطني اعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.(11)
وروي في سنن الترمذي عن أبي اسحاق انّه قال: قال عليّ عليه السلام _ ونظر إلى ابنه الحسن(12) _ فقال: انّ ابني هذا سيد كما سمّاه رسول الله صلى عليه وآله، وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلق ويشبه في الخَلْقِ...(13) يملأ الأرض عدلاً.(14)
وجمع الحافظ أبو نعيم من المحدّثين المشهورين عند العامة أربعين حديثاً من صحاحهم، تشتمل على ذكر صفات وأحوال واسم الإمام المهدي عليه السلام، ومن هذه الأحاديث ما رواه عن عليّ بن هلال عن أبيه أنّه قال: دخلت على رسول الله صلى عليه وآله وهو في الحالة التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله صلى عليه وآله إليها رأسه وقال: حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟ فقالت: أخشى الضيعة من بعدك.
فقال: يا حبيبتي أما علمت انّ الله جل جلاله اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثم اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إليّ أن انكحك ايّاه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله جل جلاله سبع خصال لم يعط أحداً قبلنا، ولا يعطي أحداً بعدنا.
أنا خاتم النبيين، وأكرم النبيين على الله جل جلاله، وأحبّ المخلوقين إلى الله جل جلاله، وأنا أبوك، ووصيّي خير الأوصياء، وأحبّهم إلى الله جل جلاله هو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء، وأحبّهم إلى الله جل جلاله وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك وعمّ بعلك، ومنّا من له جناحان يطير في الجنة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك، ومنّا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما _ والذي بعثني بالحق _ خير منهما.
يا فاطمة والذي بعثني بالحق انّ منهما مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغيراً يوقر كبيراً، فيبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فانّ الله جل جلاله أرحم بك وأرأف عليك منّي، وذلك لمكانك منّي وموقعك من قلبي، وقد زوّجك الله زوجك وهو أعظمهم حسباً، وأكرمهم منصباً، وأرحمهم بالرعية، وأعدلهم بالسوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربّي جل جلاله أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي.
قال عليّ عليه السلام: فلمّا قبض النبي صلى الله عليه وآله لم تبق فاطمة بعده الاّ خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله به عليهما السلام.(15)
يقول المؤلف (أي العلامة المجلسي):
انّ رسول الله صلى عليه وآله نسب المهدي عليه السلام إلى الحسن والحسين كليهما، وذلك من جهة أن نسبه ينتهي إلى الإمام الحسن عليه السلام من قِبَل امّه؛ لانّ امّ الإمام محمّد الباقر تكون بنت الإمام الحسن عليه السلام، وورد في بعض الأحاديث انّه عليه السلام من ولد الحسين.
وروى الدار قطني (من المحدثين المشهورين لدى العامة) أيضاً هذا الحديث الطويل عن أبي سعيد الخدري، وقال في آخره ما معناه: انّ رسول الله صلى عليه وآله قال: منّا مهديّ هذه الأمة الذي يصلّي عيسى خلفه، ثم وضع يده على عاتق الحسين عليه السلام وقال: من هذا يكون مهدي هذه الأمة.
وروى أبو نعيم أيضاً عن حذيفة وأبي أمامة الباهلي، بانّ المهدي وجهه كوكب دريٌّ، في خدّه الأيمن خال أسود، وعلى رواية عبد الرحمن بن عوف انّه عليه السلام أفرق الثنايا، وعلى رواية عبد الله بن عمر انّ فوق رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتّبعوه، وعلى رواية جابر بن عبد الله وأبي سعيد انّ عيسى عليه السلام يصلّي خلفه. (16)
(تواتر الروايات في المهدي عليه السلام):
وقد ألّف محمّد بن يوسف الشافعي صاحب كفاية الطالب من علماء العامة، كتاباً حول ظهور المهدي عليه السلام وصفاته وعلاماته يشتمل على خمس وعشرين باباً وقال: (انّي جمعت هذا الكتاب) وعريته عن طرق الشيعة تعرية تركيب الحجة إذ كلّ ما تلقته الشيعة بالقبول وإن كان صحيح النقل، فانّما هو خريت منارهم،(17) وخدارية ذمارهم،(18) فكان الاحتجاج بغيره آكد.(19)
وورد في كتاب شرح السنة للحسين بن سعيد البغوي _ وهذا الكتاب من الكتب المشهورة المعتبرة عند العامة، وعندي نسخة قديمة منه كتب فيها اجازات علمائهم _ خمسة أحاديث في أوصاف المهدي عليه السلام رواها عن صحاحهم، وروى الحسين بن مسعود الفرّاء في المصابيح (المتداول اليوم في أيدي العامة) خمسة أحاديث في ظهور المهدي عليه السلام.(20)
ونقل بعض علماء الشيعة (156) حديثاً من الكتب المعتبرة للعامة حول المهدي عليه السلام، وورد في الكتب المعتبرة للشيعة أكثر من ألف حديث حول ولادة المهدي عليه السلام وغيبته، وانّه الإمام الثاني عشر من نسل الإمام العسكري عليه السلام.
وأكثر هذه الأحاديث مقرونة بالإعجاز؛ لانّ فيها الإخبار بالأئمة الاثني عشر إلى خاتمهم، وخفاء ولادته، وانّ له غيبتين الثانية أطول من الأولى، إلى غير ذلك من الخصوصيّات وقد تحقق جميعها في عالم الواقع، مع أنّ الكتب المشتملة على هذه الأخبار ألّفت بسنين قبل تحقق هذه العلائم، فهي مع غضّ النظر عن تواترها تفيد القطع واليقين من أكثر من جهة.
وكذلك اطلاع جمع كثير على ولادته، ورؤية كثير من الثقات والأصحاب له عليه السلام منذ ولادته إلى زماننا هذا وهو زمان الغيبة الكبرى، فهذا كلّه ورد في كتب الخاصة والعامة المعتبرة، كما سنشير إليه فيما بعد إن شاء الله.
وأورد صاحب الفصول المهمة، ومطالب السؤول، وشواهد النبوة، وابن خلكان، وجمع كثير من المخالفين في كتبهم روايات ولادته عليه السلام وسائر خصوصيّاته التي روتها الشيعة، فكما انّ ولادة آبائه الطاهرين معلومة فولادته أيضاً معلومة، واستبعادات وإشكالات المخالفين حول طول غيبته، وخفاء ولادته، وطول عمره الشريف، لا تقوى على ردّ البراهين القاطعة الثابتة، فهم مثل كفّار قريش الذين نفوا المعاد بمجرد تشكيكهم في احياء العظام وهي رميم مع وقوع أمثاله في الأمم السابقة، وقد ورد في أحاديث الخاصة والعامة بانّ كل ما وقع في الأمم السابقة سيقع في هذه الأمة مثله.
(من اطلع على ولادته عليه السلام):
إلى أن قال (المجلسي): واطّلع جمع كثير من المعروفين على ولادته كالسيّدة حكيمة، والقابلة التي كانت جارتهم في سرّ من رأى، وشاهد الإمام عليه السلام جمع كثير منذ ولادته إلى وفاة أبيه، والمعاجز التي تجلّت في نرجس عند ولادته عليه السلام أكثر من أن تعدّ أو تُحصى، وقد ذُكرت في كتاب البحار الأنوار وجلاء العيون.(21)
وقال (في حق اليقين) أيضاً، روى الشيخ الصدوق محمّد بن بابويه بسند صحيح عن أحمد بن إسحاق انّه قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري، وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحاق انّ الله تبارك وتعالى لم يخلّ الأرض منذ خلق آدم عليه السلام، ولا يخلّيها إلى أن تقوم الساعة من حجة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض.
قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض عليه السلام مسرعاً فدخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق لو لا كرامتك على الله جل جلاله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، انّه سميّ رسول الله صلى عليه وآله وكنيّه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
يا أحمد بن إسحاق مَثَلَهُ في هذه الأمة مثل الخضر عليه السلام، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة الاّ من ثبّته الله جل جلاله على القول بإمامته، ووفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه.
فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي فهل من علامة يطمئنّ إليها قلبي؟ فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربيّ فصيح، فقال: أنا بقيّة الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق.
فقال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسروراً فرحاً، فلمّا كان من الغد عدت إليه، فقلت له: يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به عليّ، فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طول الغيبة يا أحمد، قلت: يا ابن رسول الله وانّ غيبته لتطول؟
قال: إي وربّي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، ولا يبقى الاّ من أخذ الله جل جلاله عهده لولايتنا، وكتب في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه، يا أحمد بن إسحاق هذا أمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غداً في علّيين.(22)
وروي أيضاً عن يعقوب بن منقوش انّه قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام، وهو جالس على دكّان في الدار وعن يمينه بيت عليه ستر مُسبل، فقلت له: يا سيدي من صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسيّ(23) له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، درّي المقلتين، شثن الكفين،(24) معطوف الكربتين،(25) في خذه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمّد عليه السلام.
ثم قال لي: هذا صاحبكم، ثم وثب فقال له: يا بنيّ ادخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثم قال لي: يا يعقوب انظر من في البيت، فدخلت فما رأيت أحداً.(26)
وروي أيضاً بسند صحيح عن محمّد بن معاوية، ومحمّد بن أيوب، ومحمد بن عثمان العمري انّهم قالوا: عرض علينا أبو محمد الحسن بن عليّ عليه السلام ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً، فقال هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا.
قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلاّ أيّام قلائل حتى مضى أبو محمّد عليه السلام.(27)
وقال أيضاً في حق اليقين: روى الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والطبرسي وغيرهم بأسانيد صحيحة عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، ورواها البعض عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار انّه قال: حججت عشرين حجة كلاً أطلب به عيان الإمام فلم أجد إلى ذلك سبيلاً، فبينا أنا ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلاً يقول: يا عليّ بن إبراهيم قد أذن الله لك في الحج.(28)
فانتبهت وأنا فرح مسرور، فما زلت في الصلاة حتى انفجر عمود الصبح، وفرغت من صلاتي وخرجت أسأل عن الحاجّ، فوجدت فرقة تريد الخروج فبادرت مع أوّل من خرج، فما زلت كذلك حتى خرجوا وخرجت بخروجهم أريد الكوفة.
فلمّا وافيتها نزلت عن راحلتي وسلّمت متاعي إلى ثقات إخواني، وخرجت أسأل عن آل أبي محمّد عليهم السلام، فما زلت كذلك فلم أجد أثراً ولا سمعت خبراً، وخرجت في أوّل من خرج أريد المدينة، فلمّا دخلتها لم أتمالك أن نزلت عن راحلتي، وسلّمت رحلي إلى ثقات إخواني، وخرجت أسال عن الخبر وأقفو الأثر، فلا خبراً سمعت ولا أثراً وجدت.
فلم أزل كذلك إلى أن نفر الناس إلى مكة، وخرجت مع من خرج حتى وافيت مكة، ونزلت فاستوثقت من رحلي، وخرجت أسأل عن آل أبي محمّد عليه السلام، فلم أسمع خبراً ولا وجدت أثراً، فما زلت بين الأياس والرجاء متفكراً في أمري وعائباً على نفسي وقد جنّ الليل.
فقلت: أرقب إلى أن يخلو لي وجه الكعبة لأطوف بها، وأسأل الله جل جلاله أن يعرّفني أملي فيها، فبينما أنا كذلك وقد خلا لي وجه الكعبة إذ قمت إلى الطواف فإذا أنا بفتى مليح الوجه، طيب الرائحة، متزر ببردة، متشح بأخرى، وقد عطف بردائه على عاتقه فرعته.
فالتفت إليّ فقال: ممّن الرجل؟ فقلت: من الأهواز، فقال: أتعرف بها ابن الخصيب؟ فقلت: رحمه الله دُعي فأجاب، فقال: رحمه الله لقد كان بالنهار صائماً، وبالليل قائماً، وللقرآن تالياً، ولنا موالياً، فقال: أتعرف بها عليّ بن إبراهيم بن مهزيار؟ فقلت: أنا عليّ، فقال: أهلاً وسهلاً بك يا أبا الحسن أتعرف الصريحين؟ قلت: نعم، قال: ومن هما؟ قلت: محمّد وموسى، ثم قال: ما فعلت العلامة التي بينك وبين أبي محمّد عليه السلام، فقلت: معي، فقال: أخرجها إليّ، فأخرجتها إليه خاتماً حسناً على فصّه «محمّد وعليّ» (وفي رواية: يا الله ويا محمّد ويا عليّ).
فلمّا رأى ذلك بكى ملياً ورنّ شجياً، فأقبل يبكي بكاءاً طويلاً وهو يقول: رحمك الله يا أبا محمّد فلقد كنت إماماً عادلاً، ابن أئمة وأبا إمام، أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك عليهم السلام.
ثم قال: يا أبا الحسن صر إلى رحلك وكن على أهبة من كفايتك حتى إذا ذهب الثلث من الليل وبقي الثلثان فالحق بنا، فانّك ترى مناك ان شاء الله.
قال ابن مهزيار: فصرت على رحلي أطيل التفكّر حتى إذا هجم الوقت فقمت إلى رحلي وأصلحته، وقدّمت راحلتي وحملتها وصرت في متنها حتى لحقت الشعب، فإذا أنا بالفتى هناك يقول: أهلاً وسهلاً بك يا أبا الحسن طوبى لك فقد اُذن لك، فسار وسرت بسيره حتّى جاز بي عرفات ومنى، وصرت في أسفل ذروة جبل الطائف.
فقال لي: يا أبا الحسن انزل وخذ في اهبة الصلاة، فنزل ونزلت حتى فرغ وفرغت، ثم قال لي: خذ في صلاة الفجر وأوجز، فأوجزت فيها وسلّم وعفّر وجهه في التراب، ثم ركب وأمرني بالركوب فركبت، ثم سار وسرت بسيره حتى علا الذروة، فقال: المح هل ترى شيئاً؟ فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثرة العشب والكلاء.
فقلت: يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء، فقال لي: هل ترى في أعلاها شيئاً؟ فلمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوق بيت من شعر يتوقّد نوراً، فقال لي: هل رأيت شيئاً؟ فقلت: أرى كذا وكذا، فقال لي: يا ابن مهزيار طب نفساً وقرّ عيناً، فانّ هناك أمل كلّ مؤمّل.
ثم قال لي: انطلق بنا، فسار وسرت حتى صار في أسفل الذروة، ثم قال: أنزل فهاهنا يذلّ لك كلّ صعب، فنزل ونزلت حتى قال لي: يا ابن مهزيار خلّ عن زمام الراحلة، فقلت: على من أخلّفها وليس هاهنا أحد؟ فقال: إنّ هذا حرم لا يدخله الاّ وليّ ولا يخرج منه الاّ وليّ، فخلّيت عن الراحلة، فسار وسرت فلمّا دنا من الخباء سبقني وقال لي: قف هناك إلى أن يؤذن لك، فما كان هنيئة فخرج إليّ وهو يقول: طوبى لك قد اُعطيت سؤلك.
قال: فدخلت عليه صلوات الله عليه وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متكئ على مسورة(29) أديم، فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام، ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالبزق، ولا بالطويل الشامخ ولا بالقصير اللاّصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، أدعج العينين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على خدّه الأيمن خال، فلمّا أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته.
فقال لي: يا ابن مهزيار كيف خلّفت إخوانك في العراق؟ قلت: في ضنك عيش وهناة، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان،(30) فقال: قاتلهم الله أنّى يؤفكون، كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربّهم ليلاً ونهاراً،(31) (لتملكونهم كما ملكوكم وهم يومئذ أذلاّء).
ثم قال: انّ أبي صلوات الله عليه عهد إليّ أن لا أوطن من الأرض الاّ أخفاها وأقصاها، إسراراً لأمري وتحصيناً لمحلّي من مكائد أهل الضلال والمردة من أحداث الأمم الضوال...
اعلم... انّه قال صلوات الله عليه: يا بنيّ انّ الله جلّ ثناؤه لم يكن ليخلّي أطباق أرضه، وأهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجة يستعلى بها، وإمام يؤتمّ به ويقتدى بسبل سنّته ومنهاج قصده، وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعدّه الله لنشر الحق، وطيّ الباطل، وإعلاء الدين، وإطفاء الضلال، فعليك يا بنيّ بلزوم خوافي الأرض وتتبع أقاصيها، فانّ لكلّ وليّ من أولياء الله جل جلاله عدوّاً مقارعاً... فلا يوحشنّك ذلك.
واعلم انّ قلوب أهل الطاعة والاخلاص نُزّعٌ إليك مثل الطير إذا أمّت أوكارها، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة، وهم عند الله بررة أعزاء يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة، وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضواء...
فاقتبس يا بني نور الصبر على موارد أمورك، تفز بدرك الصنع في مصادرها... فكأنّك يا بني بتأييد نصر الله قد آن، وتيسير الفلح وعلوّ الكعب قد حان، وكأنّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم، وكأنّك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود، وتصافق الأكف على جنبات الحجر الأسود.
تلوذ بفنائك مِن ملأ برأهم الله من طهارة الولاء، ونفاسة التربة، مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق، ومهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق...
فإذا اشتدّت أركانهم وتقوّمت أعمادهم، قدّت بمكاثفتهم طبقات الأمم إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة بسقت أفنان غصونها على حافات بحيرة الطبريّة، فعندها يتلألأ صبح الحق، وينجلي ظلام الباطل، ويقصم الله بك الطغيان، ويعيد معالم الإيمان...
تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة، وتهزّ بك أغصان العزّ نضرة، وتستقرّ بواني(32) العزّ في قرارها، وتؤوب شوارد الدّين على أوكارها...
ثم قال: ليكن مجلسي هذا عندك مكتوماً الاّ عن أهل الصدق والأخوة الصادقة في الدين.
قال إبراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حيناً أقتبس ما أورى من موضحات الأعلام ونيرات الأحكام... فلمّا أزف ارتحالي وتهيّأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودّعاً ومجدداً للعهد، وعرضت عليه مالاً كان معي يزيد على خمسين ألف درهم، وسألته أن يتفضّل بالأمر بقبوله منّى.
فابتسم وقال:... استعن به على مصرفك، فانّ الشقة قذفة، وفلوات الأرض أمامك جمّة...(33) فدعا لي كثيراً وانصرفت إلى وطني.

والأخبار في هذا الباب كثيرة.


الهوامش
(1) حق اليقين: 311.

(2) صحيح مسلم 1: 93؛ وسنن الترمذي 4: 439/ باب 54/ ح 2233؛ كتاب الفتن، وجامع الأصول 11: 47/ ح 7808/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل.

(3) صحيح مسلم 1: 94؛ وجامع الأصول 11: 47/ ح 7808/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل.

(4) صحيح مسلم 1: 95؛ وجامع الأصول 11: 48/ ح 7809/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل.

(5) راجع جامع الأصول 11: 48/ ح 7810/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل؛ ومثله في سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4282.

(6) سنن الترمذي 4: 438/ ح 4282/ باب 52/ كتاب الفتن؛ سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4282.

(7) سنن الترمذي 4: 438/ باب 52/ ح 2231/ كتاب الفتن.

(8) سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4283؛ وجامع الأصول 11: 49/ ح 7811.

(9) سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4284؛ وجامع الأصول 11: 49/ ح 7812.

(10) سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4285؛ وجامع الأصول 11: 49/ ح 7813.

(11) سنن الترمذي 4: 439/ باب 53/ ح 2232/ كتاب الفتن.

(12) في المتن الفارسي: (الحسين) وهو الصحيح.

(13) في جامع الأصول: (لا يشبهه في الخلق) وكذلك في سنن أبي داوُد.

(14) سنن أبي داوُد 2: 311/ ح 4290؛ جامع الأصول 11: 49/ ح 7814/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل؛ ولم نعثر عليه في سنن الترمذي.

(15) راجع كشف الغمة 3: 267؛ عنه البحار 51: 78/ ح 37.

(16) راجع البحار 51: 80؛ كشف الغمة 3: 269.

(17) خريت منارهم: الخريت: الدليل الحاذق، والمنار: موضع النور.

(18) خدارية ذمارهم: الخدارية - بالضم - العقاب، والذمار: ما يلزمك حفظه وحمايته.

(19) كفاية الطالب: 476.

(20) راجع مصابيح السنة 3: 492/ كتاب الفتن/ باب اشراط الساعة.

(21) راجع حق اليقين للمجلسي: 311.

(22) كمال الدين 2: 384/ ح 1/ باب 38، عنه البحار 52: 23/ ح 16.

(23) خماسي: طوله خمسة أشبار.

(24) شثن الكفين: خشن الكفين.

(25) معطوف الكربتين: منحني الكتفين.

(26) كمال الدين 2: 407/ باب 38/ ح 2، عنه البحار 52: 25/ ح 17.

(27) كمال الدين 2: 435/ باب 43/ ح 2، عنه البحار 52: 25/ ح 19.

(28) لم تكن هذه العبارة في كمال الدين، وأخذناها من الغيبة للطوسي: 263/ ح 228.

(29) المِسوَرة: متكأ من أدَم، وسميت مسورة لعلوها وارتفاعها.

(30) وفي المتن بني العباس.

(31) كمال الدين 2: 465/ ح 23.

(32) البواني: في الأصل أضلاع الصدر، والبوانُ عمود من أعمدة الخِباء.

(33) البحار 52: 34، ضمن حديث 28.

توقيع : خادم الشيخ الكوراني
سيدي اباعمار
لماذا تركت العراق وحيداً
من مواضيع : خادم الشيخ الكوراني 0 اباعمار انت وشيعتك هم الطهر ‘وابناء "البغايا" هم العهر !
0 بيان سماحة السيد عمار الحكيم(روحي فداه)بفقد والده الطاهر
0 انفجارات كبيرة في بغداد
0 السلام عليكم
0 دروس للشيخ علي الكوراني(شمس خلف السحاب)
رد مع اقتباس