|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
الفقه المقارن/ متعة الحج
بتاريخ : 05-09-2017 الساعة : 06:03 PM
متعة الحج
متعة الحج عملها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بها عن الله عز وجل، وهي مما نص الذكر الحكيم بقوله عز من قائل في سورة البقرة: ﴿ ... فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ... ﴾4.
صفة هذا التمتع
أما صفة التمتع بالعمرة إلى الحج، فهي أن ينشئ، المتمتع بها احرامه في أشهر الحج5 من الميقات فيأتي مكة ويطوف بالبيت، ثم يسعى بين الصفا والمروة، ثم يقصر ويحل من إحرامه فيقيم بعد ذلك حلالاً، حتى ينشئ، في تلك السنة نفسها احراماً آخر للحج من مكة،
*
197
والأفضل من المسجد، ويخرج الى عرفات، ثم يفيض إلى المشعر الحرام ،ثم يأتي بأفعال الحج على ما هو مفصل في محله ،هذا هو التمتع بالعمرة إلى الحج.
قال الامام ابن عبد البر القرطبي: لا خلاف بين العلماء أن التمتع المراد بقوله تعالى: ﴿... فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي...ِ﴾ هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج6. قلت: وهو فرض من نأى عن مكة بثمانية وأربعين ميلاً من كل جانب على الأصح7.
وإنما أضيف الحج بهذه الكيفية إلى التمتع، أو قيل عنه: التمتع بالحج، لما فيه من المتعة: أي اللذة بإباحة محظورات الاحرام في المدة المتخللة بين الاحرامين وهذا ما كرهه عمر وبعض أتباعه، فقال قائلهم - كما أخرجه أبو داود في سننه8-: أنطلق وذكورنا تقطر؟.
وفي مجمع البيان أن رجلاً قال: أنخرج حجاجاً ورؤوسنا تقطر؟ وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: إنك لن تؤمن بها أبداً9.
وعن أبي موسى الأشعري أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك فانك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين -عمر- في
198
النسك بعد ك ،حتى لقيه أبو موسى بعد فسأله عن ذلك ،ففال عمر: قد علمت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد فعله هو وأصحابه ،ولكن كرهت أن يظلوا بهن معرسين في الأراك ثم يروحون بالحج تقطر رؤوسهم10.
وعن أبي موسى من طريق آخر أن عمر قال: هي سنة رسول الله - يعني المتعة - لكني أخشى أن يعرسوا بهن تحت الأراك ثم يروحون بهن حجاجا11.
وعن أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها، قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال: على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما قام عمر - أي بأمر الخلافة -قال: ان الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وان القرآن قد نزل منازله ،فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله12 وأبتوا نكاح هذه النساء، فإن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة13.
وقد خطب الناس ذات يوم فقال وهو على المنبر بكل حرية وكل صراحة " متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء"14.
199
وفي رواية أخرى15 أنه قال: أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهن، وأحزمهن، وأعاقب عليهن: متعة الحج، ومتعة النساء، وحي على خير العمل.
فصل:
وقد أنكر عليه في ذلك أهل البيت كافة، وتبعهم في ذلك أولياؤهم جميعاً، ولم يقره عليه كثير من أعلام الصحابة وأخبارهم في ذلك متواترة.
وحسبك منها ما أخرج مسلم في باب جواز التمتع من كتاب الحج من صحيحه16 فان فيه عن شقيق، قال: كان عثمان ينهى عن المتعة ،وكان علي يأمر بها، فقال عثمان لعلي كلمة، ثم قال علي: لقد علمت - يا عثمان - أنا تمتعنا على عهد رسول الله، فقال عثمان: أجل ولكنا كنا خائفين.
وفيه عن سعيد بن المسيب، قال: اجتمع علي وعثمان بعسفان،فكان عثمان ينهى عن المتعة والعمرة ،فقال له علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله تنهى عنه ؟ فقال عثمان: دعنا منك. فقال علي: إني لا أستطيع أن أدعك... (الحديث).
وفيه عن غنيم بن قيس، قال: سألت سعد بن أبي وقاص عن المتعة، فقال: فعلناها وهذا17 كافر بالعرش.
200
وفيه عن أبي العلاء، عن مطرف، قال: قال لي عمران بن حصين إني لأحدثك بالحديث اليوم، ينفعك الله به بعد اليوم، واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر فلم تنزل أية تنسخ ذلك ،ولم ينه عنه حتى مضى لوجهه، ارتأى كل امرئ بعد ما شاء أن يرتئي.
وفيه عن حميد بن هلال، عن مطرف، قال: قال لي عمران بن حصين أحدثتك حديثاً عسى الله أن ينفعك به، ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين حجة وعمرة، ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه.. الحديث.
وفيه عن قتادة، عن مطرف، قال: بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال: إني كنت محدثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدي، فان عشت فاكتم عني، وإن مت فحدث بها إن شئت، واعلم أن نبي الله قد جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب ولم ينه عنها نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال رجل فيها برأيه ما شاء. وفيه من طريق أخر، عن قتادة عن مطرف بن الشخير، عن عمران بن حصين، قال: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب ولم ينهنا عنها. قال فيها رجل برأيه ما شاء.
وفيه من طريق عمران بن مسلم، عن أبي رجاء، قال: قال عمران بن حصين: نزلت أية المتعة في كتاب الله، يعني متعة الحج، فأمرنا بها
201
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم لم ينزل آية تنسخ أية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله حتى مات. قال رجل برأيه بعد ما شاء.
قلت: ولهذا الحديث طرق أخرى في صحيح مسلم، عن عمران بن حصين اكتفينا عنها بما أوردناه، وقد أخرجه البخاري أيضاً عن عمران بن حصين في باب التمتع من كتاب الحج من صحيحه فراجعه في ص 187 من جزئه الأول.
وفيما جاء في التمتع من موطأ مالك18 عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب: أنه سمع سعد بن أبي وقاص ،والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان، وهما يذكران التمتع بالعمرة الى الحج، فقال الضحاك بن قيس: لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله عز وجل، فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك، فقال سعد: قد صنعها رسول الله وصنعاها معه19.
وفي مسند الامام أحمد من حديث ابن عباس20 قال: تمتع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عروة بن الزبير: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: ما يقول عرية21. قال: يقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال
202
ابن عباس: أراهم سيهلكون. أقول: قال النبي، ويقولون نهى أبو بكر وعمر22.
وعن أيوب قال: عروة لابن عباس: ألا تتقي الله ؟ ترخص في المتعة ؟! قال ابن عباس: سل أمك يل عرية. قال عروة: أما أبو بكر وعمر فلم يفعلاها، فقال ابن عباس: الله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله تعالى، نحدثكم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتحدثوننا عن أبي بكر وعمر... الحديث23 .
وفي باب متعة الحج من كتاب النكاح من صحيح مسلم24 عمن سأل ابن عباس عن متعة الحج فرخص يها،وكان ابن الزبير ينهى عنها،فقال ابن عباس: هذه أم ابن الزبير تحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رخص فيها فادخلوا عليها، قال: فدخلنا عليها فماذا هي امرأة ضخمة عمياء، فقالت:قد رخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها.
وفي صحيح الترمذي25 أن عبد الله بن عمر سئل عن متعة الحج ،قال: هي حلال، فقال له السائل: ان أباك قد نهى عنها، فقال: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال الرجل بل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: لقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. إلى
203
كثير من أمثال هذه الصحاح الصراح في إنكار النهي عنها.
على أن في حجة الودع بلاغاً لقوم يؤمنون، فراجع حديثها في باب حجة النبي من صحيح مسلم26 تجده صلى الله عليه وآله وسلم قد أعلنها على رؤوس الأشهاد، وكانوا أكثر من مائة الف رجالاً ونساءً من امته قد اجتمعوا ليحجوا معه من سائر الأقطار، وحين أعلن ذلك قام سراقة بن مالك بن خثعم فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا التمتع أم للأبد ؟ فشبك أصابعه واحد بعد الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج، دخلت العمرة في الحج لأبد أبد.
وقدم علي من اليمن ببدن النبي فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فذهبتُ إلى رسول الله مستفتياً فأخبرته، فقال: صدقت صدقت... الحديث
204
هوامش
1- أي فعليه ما تيسر له من الهدي.
2- آي فمن لم يجد الهدي ولا ثمنه فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج هي يوم السابع من ذي الحجة ويوم الثامن منه وهو يوم التروية ويوم التاسع وهو يوم عرفة، وان صام أول العشرة جاز له ذلك رخصة، وان صام يوم التروية ويوم عرفة قضى يوماً آخر بعد انقضاء أيام التشريق، وان فاته صوم يوم عرفة أيضاً صام الأيام الثلاثة بعد أيام التشريق متتابعات.
3- آي رجعتم إلى بلادكم.
4- سورة البقرة: 196، أي ذلك الذي تقدم ذكره حول التمتع بالعمرة الى الحج ليس لأهل مكة ومن يجري مجراهم في القرب اليها كما بيناه في الأصل.
5- وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة.
6- نقل الفاضل النووي هذا القول عن ابن عبد البر في بعض بحثه عن حج التمتع من شرحه لصحيح مسلم، وشرح مسلم مطبوع على هامش شرحي البخاري فراجع منه ما هو في هامش ص 46 من الجزء السابع من الشرحين.
7- الأخبار الصحيحة الدالة عليه، وقيل يعتبر بعده عن مكة باثني عشر ميلاً من كل جانب حملا للثمانية والأربعين على كونها موزعة على الجهات الأربع.
8- سنن أبي داود مطبوعة في هامش شرح الزرقاني لموطىء مالك وهذا الحديث تجده بعين لفظه في هامش ص 103 من الجزء الثاني من شرحالزرقاني، فراجع.
9- راجع تفسير الآية 195من سورة البقرة من المجمع فمن تمتع بالعمرة إلى الحج.
10- أخرجه الامام أحمد من حديث عمر في ص 50من الجزء الأول من مسنده.
11- أخرجه الامام أحمد من حديث عمر في ص 49 من الجزء الأول من مسنده.
12- ما أدري والله ما المراد بهذا الكلام فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتم الحج والعمرة على خلاف ما أمر الله ؟ !. وهل كان هو ومخاطبوه أعرف منه صلى الله عليه وآله وسلم بأوامر الله ونواهيه ؟ !.
13- راجع من صحيح مسلم الباب في المتعة بالحج ص 467 من جزئه الأول تجد هذا الحديث وتجد بعده بلا فصل حديثا آخر هو أصرح في زجره عن التمتع بالعمرة الى الحج.
14- هذا القول مستفيض عنه ( وقد نقله الامام الرازي حول تفسير قوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة الى الحج) من سورة البقرة، ونقله ايضا في تفسير قوله عز من قال: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهنَّ) من سورة النساء فراجع.
15- أرسلها الامام القوشجي ارسال المسلمات فراجعها في أواخر مباحث الامامة من كتابه (شرح التجريد) وهو من أئمة المتكلمين من الاشاعرة، وقد اعتذر بأن هذا القول إنما كان من عمر عن اجتهاد.
16- ص 472وما بعدها الى ص 475من جزئه الأول فراجع.
17- الاشارة (بهذا) الى معاوية بن أبي سفيان إذ كان حينئذ ينهى عن المتعة بالعمرة إلى الحج تبعاً لعمر وعثمان، والمراد بالكفر هنا دين الجاهلية كما صر ح به القاضي عياض فيما نقله النووي عنه في تعليقته على هذا الحديث من شرحه للصحيح. قال: والمراد بالمتعة العمرة التي كانت سنة سبع للهجرة. قال: وكان معاوية يومئذ كافراً، وإنما أسلم بعد ذلك عام الفتح. وفي قوله وهذا كافر بالعرش مضاف اليه محذوف تقديره وهذا كافر برب العرش.
18- ص 130 من جزئه الأول.
19- ان للزرقاني في ص 178 من الجزء الثاني من شرحه لموط مالك كلاما في شرح هذا الحديث لا يستغني عنه الباحثون فليراجع، صرَّح فيه بأن صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصنع أصحابه معه هو الحجة المقدمة على الاستنباط بالرأي.
20- ص 337 من جزئه الأول.
21- تصغير عروة.
22- هذا الحديث اخرجه الامام ابن عبد البر النمري الاندلسي القرطبي في سفره الجليل - جامع بيان العلم وفضله - فراجع منه باب فضل السنة ومباينتها لأقاويل علماء. وراجع هذا الباب من مختصره للعلامة المحمصاني البيروتي ص 226.
23- راجعه في الباب المذكور في التعليقة من كل من كتاب جامع بيان العلم ومختصره.
24- تجد هذا الحديث في الباب الذي عنوانه (باب في متعة الحج) من كتاب الحج ص 479من جزئه الأول، وبعد هذا الحديث حديث هو أصرح منه فليراجع.
25- ص 157 من جزئه الأول.
26- فواجعه في ص 467وما بعدها الى ص 470 من جزئه الاول تجد ثمة فوائد جمة لا يستغني عنها الباحثون. وممن أنكرها المأمون أيام خلافته كما في ترجمة يحي بن أكثم لابن خلكان وأمر ان ينادي بتحليلها فدخل عليه محمد بن منصور وابو العيناء فوجداه يستاك ويقول وهو متغيظ: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعهد ابي بكر وأنا أنهى عنهما ! قال: ومن انت يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله وأبو بكر؟ ! فأراد محمد بن منصور أن يكلمه فأومأ إليه أبو العيناء وقال: رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن ؟ ! فلم يكلماه، قال: ودخل عليه يحي بن أكثم فخلا به وخوفه من الفتنة، إلى آخر ما قال ابن خلكان في وفياته.
|
|
|
|
|