عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حميد الغانم
حميد الغانم
شيعي حسيني
رقم العضوية : 56469
الإنتساب : Sep 2010
المشاركات : 8,303
بمعدل : 1.66 يوميا

حميد الغانم غير متصل

 عرض البوم صور حميد الغانم

  مشاركة رقم : 140  
كاتب الموضوع : حميد الغانم المنتدى : المنتدى الإجتماعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-02-2014 الساعة : 12:18 AM


الاجيال
-----------------
ليست بالقصة الغريبة او التي لا تحدث كل يوم او الغير معروفة في قريتنا الريفية البسيطة
ولكن يمكن ان تكون غريبة غير معروفة في غير مكان او غير زمان
تحكي حكايتنا عن حالات الوفاة للاقارب وما يجري فيها من عادات وتلاحم ورأفة ورحمة بين الاهل والاقارب والجيران والاصدقاء
وتبدأ حكايتنا منذ ايام
اذ خرجت للذهاب الى الطبيب بسبب وعكة صحية المت بي
فوجدت ابن عمي واقفا في مكان وزمان ليس بعادته ان يقف فيه
سلام عليكم وعليكم السلام
سالته باللهجة العامية
هااااا اشو واكف هنا خيرا
قال ابن عمنا ينزاع ووصل الى لحظات عمره الاخيرة
سبحان الله قلت منذ يومين كان بحالة جيدة
قال منذ البارحة ساءت حالته الصحية
( وهذه حال الدنيا يوم في مسرة ويوم في مضرة )
سارعنا للذهاب الى ابن عمنا ودخلنا البيت
وهناك مشهد محزن مبكي الابن يصارع سكرات الموت وينازع الحياة وفي اخر رمق
وبجنبه عمي الكبير في العمر هو الاخر لا مريض ولا يعلم ما يدور حوله
جلسنا بين السريرين حيث وجدت اغلب اقاربي هناك جالسين بين السريرين
بين سرير الاب الذي لا يعلم ان ابنه يموت وبين الابن الذي ينازع
(موقف غريب فعلا وموجع بذات اللحظة فلا ندري باي وادي نموت )
وهنالك الصمت سائد والاخ الاكبر بين ان يبلل شفة اخيه الاصغر منه الذي ينازع
وبين ابوه الذي كل لحظة لا ينطق الا كلمات بسيطة انا عطشان انا عطشان
وهنا نتذكر الحسين سلام الله عليه
فهناك صرخة كربلاء فلا مجيب للحسين الا اعداءه
وهنا
يصيح الاب انا عطشان حتى يهب الابن الاكبر ليسعف ابيه بشربه ماء
ومن ثم يعود ليقرا القران الكريم لاخيه ام ابيه
وهذه اولى العادات اامتوارثة بين اجيالنا
ان نجتمع مع اقاربنا عند نزع الروح ونواسيهم
ان نقرا القران ونصلهم ونترحم عليهم
وتمر اللحظات واللحظات
ويجتمع الاقربون ويزدادوا وبوسط هذا الجمع
تدخل الام
حضنت ابنها قبلته مسحة جبينه ذرفت الدمع
وهي تنادي
يمة اخذني وياك شلي بدنياي من بعدك
كررتها اكثر من مرة
والحاضرين يذرفون الدمع
( فاي قلب قلب كل ام سبحان الذي زرع فيها هذا الحب والعطف)
وكأن قلب الام شاهد على اخر لحظات حياة ابنها
وفعلا ماهي الا سويعات قليلة حتى توفي ابن عمي
الى رحمة الله عز وجل
وهنا اجتمع الاقربون كلهم والجيران والاصدقاء ليلا
وذهبوا الى التغسيل جميعا
وفريقا قد حضرمكان الاستقبال او كما نسميه هنا الديوانية الكبيرة
( وهذه العادة كما نسميها هنا اذ يهب الاهل والاقربون والجيران والاصدقاء عن الشدائد الى من كان عنده فاجعة او مصيبة او فرح )
ومن هنا اتذكر موقف احد القادمين من المدينة اذ وجد ان احد جيراننا كان قد استلم اعداد الشاي والقهوة او كما نسميه نحن هنا الكهوجي فساله ليسوا باقاربك فلما انت هنا قال اصلا كل محلاتنا قد اغلقناها ليس وحدي بل كل اقاربي لانهم جيراننا واصدقاءنا
بالطبع يقصد منطقتنا وحينا
وهي عادة اخرى ورثناها من اباءنا واجدادنا بان نتعامل مع جيراننا كانفسنا
ونقف معه
وما ان انتهى التغسيل والتكفين حتى حضر الجميع يصلون عليه ويقرأون سورة الفاتحة
ويصلون ركعتين بثواب المرحوم
وهكذا يستمر الجيران كلهم مع جيرانهم
وهكذا المجتمع ينبني ويصلح بالتواصل والتراحم
ويعلن المؤذن اذان الفجر ويحمل التابوت الى البيت
هنالك الوداع الاخير
حيث قلب الام المكسور حيث الاخوات والاخوة حيث الاحفاد وحيث وحيث
وهناك يعلن عبر مكبرات الصوت ان فلانا بن فلان قد توفي وسيكون تشيعه في الساعة كذا وكذا
ويجتمع الناس كثيرا وكثيرا وياتي ساعة الرحيل
ويحمل الاهل والاقربون والجيران ذاك التابوت الى مثواه الاخيره
ويسير خلفه مئات الناس
ومع كل مسير يترك الناس محالهم ويسيرون خلف التابوت
وينادي المنادي بصوت عالي
جل الله جل الله لا اله الا الله
ويردد خلفه كل السائرين
بصوت عالي جل الله جل الله لا اله الا الله
ويستمر التشيع لمسافة نص كيلو متر او اكثر
الى حين الوصول الى السيارة التي تحملهم الى النجف الاشرف
ويعود الاهل والاقربون والاصحاب ليستقبلوا المعزين طوال ثلاثة ايام
ومعهم جيرانهم واهليهم واقاربهم واصحابهم
وياتي المعزين من كل مكان قريب او بعيد
وتستمر الفاتحة ثلاثة ايام متواصلة
ومن هنا
ناتي الى اليوم الذي يليه
في الجيل السابق الذي ورثناه عن اباءنا
كان الناس يقيمون الفاتحة او الماتم لمدة ثلاثة ايام او اكثر بقليل
اليوم في جيلنا
صارت تقام الفاتحة ثلاثة ايام ولكن الجديد انه في كل ليلة يقام ماتم حسيني لذكر الحسين الشهيد واهل بيته واصحابه
ويستمر هذا الماتم المقام بثواب المرحوم الى اسبوعين او اكثر
وفي كل ليلة جمعة تقام وجبة طعام للفقراء والمساكين والاقربون
ما ان ينتهون حتى يقراوا سورة الفاتحة ويهدونها الى المرحوم
الحمد لله
عادة جميلة محمودة
ولكن
ننظر الى من هو في سن المراهقة قد حمله هاتفه النقال وانشغل عن ما يجري حوله من عادات حميدة وقراءة الفاتحة والماتم الحسيني
وبين اطفال يلعبون هنا وهناك وقد علا صياحهم مع صوت القارئ الحسيني
وبين
اخوة واصدقاء واقارب طلم ينسوا اخوهم او صديقهم او اقاربهم
على الرغم من رحيله عن دار الدنيا
صاروا ياتون كل ليلة يقراون القران له ويذكرون محاسنه ويقولون
ربي ارحمه برحمتك الواسعة
وبين اب يصارع هو الاخر ويلات المرض والاه وقد رحل ابنه عن دار الدنيا وهو لا يعلم ان ابنه قد رحله قبله
وبين اخ اكبر يداري ابيه من مرضه ويبكي على فقدان اخيه
وبين اخوة واصحاب واقارب يذكرون من فارقوه بخير ويترحمون عليه
وبين شباب قد شغله الهاتف النقال عن ما يجري حوله
وبين اطفال يلعبون ويمرحون لم يشغلهم ما حولهم عن ذاك اللعب
بين كل هذا
تساءلت
هل ستبقى هذه العادات الحميدة كما بقيت منذ سنين وسنين وورثناها عن اهل بيت النبي محمد صلوات ربي عليه وعلى اله
وبين
ان تضيع تلك العادات
ينتقل جيل وياتي جيل وسيرحل وياتي غيره
ولا يبقى الا العمل الصالح في ظل مجتمع سليم حميد
حميد الغانم


توقيع : حميد الغانم
انـــــــا الذي سمتني امي حيدرة * ضرغام اجام و ليث قسورة
على الاعادي مثل ريح صرصرة * كليث غابات كريه المنظرة
أكيلكـــــــــــم بالسيف كيل سندرة * أضربكم ضرباً يبين الفقرة
من مواضيع : حميد الغانم 0 مقامات ابي بكر في القران الكريم .. اعتراف شيعي خطير
0 حق الصحابة الفقراء في صدقة رسول الله . طعون في ابي بكر وكذبه على الله ورسوله
0 قرارات وهابية بحق عائشة
0 تحطيم الوهابية بالضربة القاضية .. ما علاقة ابو بكر بهذا التحطيم
0 بشر ونبي .. ام .. نبي وبشر.. ومن يتقدم بالارث ومن يتاخر
رد مع اقتباس