عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.18 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 22  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 01:03 AM


العلامة الفضلي وغربة الوطن
حكاية عالم
لم يكن التاريخ القطيفي ليصدق القصة والحكاية جاء العالم والمفكر ليقيم في الأرض التي طالما أملت بأن يسكن فيها عالم بثقل الشيخ الفضلي ليس لأنه فقط عالم دين ومنتسب للحوزة ولكن لأنه جمع العديد من الصفات التي قلما نجدها في أحد سواه ولو قدر حقيقة لأي مجتمع غير مجتمع القطيف والأحساء بشخصية كالدكتور الفضلي فإن الاحتفاف والعلاقة معه سيكون لها بعد آخر، والقصة تبدأ بعد أن تقاعد الدكتور الفضلي من الجامعة.

سيرة عطرة
الشيخ الفضلي ولد بالبصرة بالعراق، وفيها نشأ وفيها درس المقدمات والسطوح والبحث الخارج على أيدي كبار مراجعها فدرس عند المرجع السيد محسن الحكيم في الفقه والسيد والمرجع السيد الخوئي فقها وأصولا والشيخ محمد آل راضي والسيد محمد تقي الحكيم والسيد المرجع محمد باقر الصدر وغيرهم من مدرسي النجف في البحث الخارج ولكنه وبالرغم من التحصيل العميق للدرس الحوزوي والذي استمر معه لمدة عشرين سنة والذي اختتمه بالاجتهاد إلا أن طموحه لم يتوقف عند الدرس الحوزوي بل التحق بالركب الجامعي بكلية الفقه التي أسسها أستاذه الشيخ محمد رضا المظفر فتخرج منها بدرجة البكلوريوس سنة 1382هـ ثم التحق بدارسة الماجستير ببغداد سنة 1391هـ وحصل على شهادة الدكتوراه من مصر مبتعثا من قبل جامعة الملك عبد العزيز.

رمزية العلامة الفضلي
يعتبر الشيخ الفضلي من الرموز المهمة في تاريخ العراق الحديث فقلما تجد كتابا يتحدث عن العراق في الفترة التي عاشها في العراق وإلا ويكون الشيخ الفضلي حاضرا وبقوة ، ولعل الكثير من الأسرار التي يجهلها الكثيرون عن تلك الفترة في العراق يعتبر الدكتور الفضلي من أهم الأعمدة لها.

اختيار المسكن والموقف الصعب
هذا الثقل العلمي يقرر أخيرا أن يستقر في المنطقة الشرقية التي هي في الأساس موطنه الأصلي ولكن هل الاختيار محل ترحيب؟!!!.
لم يستطع الشيخ من القدوم إلى المنطقة الشرقية بسهولة وذلك لعدة أسباب، منها أن الوعي الجماهيري في منطقة القطيف والأحساء متخلفا لدرجة كبيرة وهذا ما كان الشيخ يدركه تماما، فليس من السهل على المنتفعين أن يقبلوا بشخصية كالشيخ أن تأتي في مجتمعهم وحتما شخصية كالدكتور ستحرك الواقع المتخلف والرافض لأي تغيير في البنية الفكرية التي تربوا عليها، فالشيخ الفضلي له تجارب طويلة في العراق في مجال العمل الإصلاحي والاجتماعي والسياسي، وما مجتمع القطيف والأحساء أمام ما عايشه الشيخ في العراق؟.
فمجتمعنا بسيط وقليل الخبرة في العمل الاجتماعي وغيره، ولهذا أسباب كثيرة لا داعي لذكرها الآن، المهم وعد من قبل بعض وكلاء المراجع باستقباله ولكن سرعان ما تغيرت الأهداف عندهم لأسباب عدة، ولعل أهمها خوفهم على مواقعهم الاجتماعي، ومن قدرته على التغير الجذري في التفكير العام للناس، وخوف الآخر على مصالحهم الخاصة ولهذا اضطر إلى السكن في الخبر في منزل احد أقربائه وكنا نتوجه دائما لزيارته هناك ولم يكن وجوده هناك على انه استقرار ولكن وعي الدكتور بأنه لن يكون موضع ترحيب من قبل الأكثرية المتمصلحة ولأن الناس لم تكن تعرف مكانته وموقعه، ولكن بشكل تدريجي بدأت الناس تسمع عنه وتتعرف نوعا ما على مكانته وموقعه في الحوزة، وموقعه الفكري المهم في العالم الإسلامي، وهذا ما حصل بالفعل ولكن الشيخ ولأنه يعرف حساسية الوضع اضطر أن يسكن أيضا بعيدا عن مناطق الشيعة وسكن في الدمام، وهذا لعمري من الظلم الذي لاقاه الشيخ من مجتمعه الشيعي والذي لم يستطع أن يتقبل عالما مفكرا وصاحب تجربة رائدة في جميع المجالات ولعلك أخي القارئ لن تجد شخصية بمستوى الشيخ الفضلي وبالشمولية التي هو عليها وأنا أعلم يقينا أنه لو كان في العراق لنال المكانة التي يستحقها، وأنا شخصيا ومن خلال معاشرتي للدكتور الفضلي في لندن سنة 1413هـ وكيف يحتفي به الجميع، وكنت أقول للدكتور الفضلي لماذا تعيش في بلد لا يقدرك لأني أرى أن جميع الشخصيات والمجتمع الشعبي الشيعي هنا في لندن تأتي إليك وتعرف قدرك ومكانتك فكان جوابه إن بلدكم هادئة ولا حراك اجتماعي فيها وهذا يساعدني في إكمال مشروعي الحوزوي والكتابي.

مرحلة الاستقرار وحركة الوعي والتثقيف الاجتماعي
استقر الدكتور الفضلي في المنطقة الشرقية بعد فترة ليست باليسيرة، وما أن استقر حتى بدأت حركة الوعي والتثقيف للمجتمع النائم والخامل، وكان هذا هو دأبه فالعلماء الذين يحملون مشروعا وهما إصلاحيا دائما يكونون هم النواة لكل عمل خيري وتوعوي في المجتمعات التي يرحلون فيها فهم فوق الجغرافيا والتاريخ والعنصرية وهذا الأمر ليس بغريب على الدكتور الفضلي فالسيد الأفغاني ولأنه رائد إصلاح أينما ذهب تراه كالشمعة ليس مهما المكان والزمان والتاريخ والموقع المهم أن هؤلاء العظماء ينشرون الفكر بقلمهم وبلسانهم، نعم تحرك الشيخ الفضلي في القطيف بقراها وفي الأحساء، كان يريد لهذا المجتمع الحراك الفكري وبعث روح النقد وشاهد الناس لأول مرة شخصية دينية بمكانته وهي تستقبل الجميع وتحاور الجميع صغيرا كان أو كبيرا مفكرا أو مبتدأ فمن صفاته الراقية هو قدرته على الإنصات والاستماع للجميع، يحاور ويناقش في كل شيء كيف لا وهو صاحب مشروع وهدفية في الحياة وبشكل تدريجي تمكن الشيخ من اختراق المجتمع الراكد..
وهذا بالضبط ما كان يخشاه الآخرون فأصبحت الجماهير تتوجه إلى محاضرات الشيخ أينما كانت فهي المتعطشة لتلك الأفكار النيرة والنقدية كيف لا ونحن المجتمع الذي لم نجد بتاريخنا كله شخصية كشخصيته منفتحة وصاحبة تجربة رائدة، وهكذا اخترق السياج الشائكة ليبعدها عن فكر الناس فشجع الكتابة والتحقيق والبحث ونشر الأفكار والمعرفة وروح النقد، ولقد استطاع أن يصنع تاريخا في حياتنا ومجتمعنا ويمكن أن تضاف هذه المرحلة إلى مراحل الدكتور الفضلي بأنها الأهم في تاريخ القطيف والأحساء، ولو قدر لهذا المجتمع أن يدرك حقيقته لكان للدكتور شأنا أرقى وأعلى على مستوى الناس ولكنه زرع البذرة الطيبة في هذا المجتمع، وأتذكر أنه قبل خمس عشرة سنة ألقى الشيخ محاضرة مهمة واعتبرها من أجرئ المحاضرات في تاريخ المنطقة حيث تعدا فيها ما يمكن أن نسميه بالخطوط الحمر وهو مسألة الخمس فتحدث عن أهمية الخمس في الحياة الشيعية وكيف أن الاستفادة من هذا المورد بالشكل المنظم والصحيح كان ليغير الواقع الشيعي، فكانت المحاضرة طويلة وحدثت في حسينية السنان بمنطقة البحر بالقطيف، فكانت النتيجة صفعة قوية للتيار التقليدي والذي إلى اليوم لم يستطع أن يغفرها للدكتور على اعتبار أنها اعتداء صارخ على أماكن النفوذ وكان من شدة ردة الفعل عندهم أنهم هددوا الشيخ إذا تحدث في الأمر!!!
ولقد سمعت الدكتور شخصيا يتحدث حول تهديهم له من خلال التلفون، ولكن الدكتور الفضلي لم يعبأ بهم وواصل مشواره وتكليفه لأنه يعلم حقيقة الوضع الذي تربى عليه الناس وهو أقرب إلى الموت الفكري، ولأنه صاحب فكر واعي أدرك أن هذا التيار سيكون مصيبة في مجتمعنا ولهذا واجهه بصلابة وبقوة ولم يبالي بالاتهامات الرخيصة التي كانوا يطلقونها عليه، ولعلنا قرأنا الكثير منها في المواقع الالكترونية ضد الشيخ والتهجم الغير لائق عليه، وذلك من خلال الألفاظ التي يقولونها ضده ولعمري كيف أن الناس تستغفل إلى درجة العمى، وهو بالضبط ما عبر عنه القرآن في قوله ﴿صم بكم عمي فهم لا يرجعون﴾ «سورة البقرة» فهم يتجاهلون منزلته العلمية فالشيخ له منتوج فكري وثقافي وعلمي هائل بل يعتبر من العلماء النادرين الذين يملكون مناهج تدريس متكاملة على مستوى الحوزة بالإضافة إلى الإضافات التي وضعها الشيخ في التدريس الحوزوي والتي لم يعطها غيره أهمية «كأصول البحث» و«أصول تحقيق التراث» و«تاريخ التشريع الإسلامي» وغيرها والتي تعتبر من الكتب المهمة في الدرس الجامعي والتي للأسف لا توليها الحوزة أي اهتمام.
ولا بد يوما أن يعطي هذا المجتمع الدكتور الفضلي حقه ومكانته العالية التي تفتخر كل شعوب العالم بوجود هكذا شخصيات لأن الدكتور الفضلي ظاهرة تستحق الدراسة في جميع مجالاتها الحياتية والفكرية والعلمية حفظه الله وسلمه.

مازن مهدي الشماسي
3 / 9 / 2008م


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
رد مع اقتباس