عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الجابري اليماني
الجابري اليماني
مشرف المنتدى العقائدي
رقم العضوية : 43999
الإنتساب : Oct 2009
المشاركات : 4,425
بمعدل : 0.83 يوميا

الجابري اليماني غير متصل

 عرض البوم صور الجابري اليماني

  مشاركة رقم : 46  
كاتب الموضوع : الجابري اليماني المنتدى : منتدى البحوث العقائدية والتأريخية
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-08-2011 الساعة : 09:34 PM



- مروج الذهب - (ج 1 / ص 304)

سياق المسعودي عن عثمان وأخباره
باستثناء ما أفردناه مثل :
عثمان وأبي ذر .. فقد أفرد في ( بحث الكبار وعثمان وسنذكره منفرداً لطوله)
عثمان وعمار.. وقد أفرد في ( بحث الكبار وعثمان وسنذكره منفرداً لطوله)

ذكر نسبه ولمع من أخباره وسيره
نسبه وأولاده
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ويكنى بأبي عبد اللهّ وأبي عمرو، والأغلب منهما أبو عبد اللهّ، و أمه أرْوَى بنت كريز بن جابر بن حبيب بن عبد شمس، وكان له من الولد: عبد اللهّ الأكبر، وعبد اللهّ الأصغر، أمه ما رقية بنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبان، وخالد، وسعيد، والوليد، والمغيرة، وعبد الملك، وأم أبان، وأم سعيد، وأم عمرو، وعائشة، وكان عبد اللهّ الأكبر يلقب بالمطرف لجماله وحسنه. وكان كثير التزوج، كثير الطلاق، وكان أبان أبْرَصَ أحْوَلَ، قد حمل عنه أصحابُ الحديث عدة من السنن، وولي لبني مروان مكة وغيرها. وكان سعيد أحْوَلَ بخيلاً. وقتل في زمن معاوية وكان الوليد صاحب شراب وفتوة ومُجُون. وقتل أبوه وهو مخلَّقُ الوجه سكران عليه مُصَبَّغات واسعة. وبلغ عبد اللّه الأصغر من السن ستاً وسبعين عاماً (! كذا وهو خطأ والصواب ستاً أو سبعة أعوام). فنقره ديك في عينه، فكان ذلك سبب موته، وعبد الملك مات صغيراً ولا عقب له.
صفاته
وكان عثمان في نهاية الجود والكرم والسماحة والبذل في القريب والبعيد. فسلك عمالُه وكثير من أهل عصره طريقته، وتأسَّوْا به في فعله. وبنى فيداره في المدينة وشيدها بالحجر والكِلْس، وجعل أبوابها من الساج والعَرْعَر واقتنى أموالاً وجناناً وعيوناً بالمدينة.

الثروة في عهد عثمان:
ثروته (ثروة عثمان)

وذكر عبد الله بن عتبة :
أن عثمان يوم قتل كان له عند خازنه من المال
1- خمسون ومائة ألف دينار
2- وألف ألف درهم،
3- وقيمة ضياعه بوادي القُرَى وحُنَيْن وغيرهما مائة ألف دينار،
4- وخلف خَيْلاً كثيراً وإبلاً.
ثروة الزبير بن العوام
وفي أيام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضِّيَاعَ والحور:
منهم الزبير بن العوام، بنى داره بالبصرة، وهي الكوفة في هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة - نزلها التجار وأرباب الأموال وأصحاب الجهاز من البحريين وغيرهم، وابتنى أيضاً دوراًً بمصر والكوفة والإسكندرية، وما ذكرنا من دوره وضياعه فمعلوم غير مجهول إلى هذه الغاية(!!!).
وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار،
وخلف الزبير ألف فرس،
وألف عبد وأمة،
وخططاً بحيث ذكرنا من الأمصار.
ثروة طلحة بن عبيد اللّه
وكذلك طلحة بن عبيد اللّه التيمي:
ابتنى داره بالكوفة المشهورة به هذا الوقت، المعروفة بالكُنَاسة بدار الطلحيين،
وكان غلته من العراق كل يوم ألف دينار، وقيل أكثر من ذلك،
وبناحية الشراة أكثر مما ذكرنا،
وشيد داره بالمدينة وبناها بالآجرِّ والجِصِّ والساج.
ثروة عبد الرحمن بن عوف
وكذلك عبد الرحمن بن عوف الزهري:
ابتنى داره ووسعها، وكان على مربطه مائة فرس،
وله ألف بعير،
وعشرة آلاف شاة من الغنم،
وبلغ بعد وفاته رُبُعُ ثمنِ مالِهِ أربعةً وثمانين ألفاً.
ثروة قوم من الصحابة
وابتنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق، فرفع سمكها، ووسع فضاءها، وجعل أعلاها شُرُفَاتِ.
وقد ذكر سعيد بن المسيب أن زيد بن ثابت حين مات خلف الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس، غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار.
وابتنى المقداد داره بالمدينة في الموضع المعروف بالجرف على أميال من المدينة وجعل أعلاها شرفات، وجعلها مجصَّصة الظاهر والباطن.
ومات يعلى بن منية، وخلف خمسمائة ألف دينار، وديوناً علم الناس، وعقارات، وغير ذلك من التركة ما قيمته ثلاثمائة ألف دينار.
وهذا باب يتسع ذكره ويكثر وصفه، فيمن تملك من الأموال في أيامه ،
ولم يكن مثل ذلك في عصر عمر بن الخطاب، بل كانت جادة واضحة وطريقة بينة.
وحج عمر فأنفق في ذهابه ومجيئه إلى المدينة ستة عشر ديناراً، وقال لولده عبد اللّه: لقد أسرفنا في نفقتنا في سفرنا هذا.
ولقد شكا الناس أميرهم بالكوفة سعد بن أبي وقاص - وذلك في سنة إحدى وعشرين - فبعث عمر محمد بن مسلمة الأنصاري حليف بني عبد الأشهل، فحرق عليه باب قصر الكوفة، وعرضه في مساجد الكوفة يسألهم عنه؛فحمده بعضهم، وشكاه بعض،
فعزله وبعث إلى الكوفة :
عمار بن ياسر على الثغر،
وعثمان بن حُنَيْف على الخراج،
وعبد اللّه بن مسعود على بيت المال، - قلت: دلائل توبة عمر، فكل الثلاثة من هؤلاء-
وأمره أن يعلم الناس القرآن ويفقههم في الدين وفرض لهم في كل يوم شاة، فجعل شطرها وسواقطها لعمار بن ياسر والشطر الأخر بين عبد اللّه بن مسعود وعثمان بن حنيف، فأين عُمر ممم ذكرنا؛ وأين هو عما وصفنا؟.
عمال عثمان
وقدم على عثمان عمه الحكم بن أبي العاص وابنه مروان وغيرهما من بني أمية - والحكم هو طريد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الذي غَرَّبه عن المدينة، ونفاه عن جواره - وكان عماله جماعة منهم الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط على الكوفة، وهو ممن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار، وعبد اللهّ بن أبي سَرْح على مصر، ومعاوية بن أبي سفيان على الشام، وعبد اللهّ بن عامر على البصرة، وصَرَفَ عن الكوفة الوليد بن عُقْبة، وولاها سعيد بن العاص.
مروج الذهب - (ج 1 / ص 306) الوليد بن عقبة..
الوليد بن عقبة
وكان السبب في صرف الوليد بن عقبة وولاية سعيد - على ما روي - أن الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه ومغنيه من أول الليل إلى الصباح، فلما آذنه المؤذنون بالصلاة خرج متفضِّلا في غَلائله، فتقدَّمَ إلى المحراب في صلاة الصبح، فصلى بهم أربعاً، وقال: أتريحون أن أزيدكم؟ وقيل: إنه قال في سجوده وقد أطال: أشرب واسقني، فقال له بعض من كان خلفه في الصف الأول: ما تزيد لازادك اللّه من الخير. واللهّ لا اعجب إلا ممن بعثك إلينا والياً وعلينا أميراً، وكان هذا القائل عتاب بن غيلان الثقفي.
وخطب الناس الوليد فحصبه الناس بحصباء المسجد، فدخل قصره يترنح، ويتمثل بأبيات لتأبط شَرّاً:
ولست بعيداً عن مدام وقَيْنة ... ولا بصفا صلد عن الخير معزل
ولكنني أروي من الخمر هامتي ... وأمشي المَلاَ بالساحب المتسلسل
وفي ذلك يقول الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه ... أن الوليد أحَقُّ بالعذر
نادى وقد تَفَتْ صلاتهم ... أ أزيدكم؟ ثَمِلاً وما يدريً
ليزيدهم أخرى، ولو قبلوا ... لقرنت بين الشفع والوتر
حبسوا عنانك في الصلاة، ولو ... خَلَّوْا عنانك لم تزل تجري
وأشاعوا بالكوفة فعله، وظهر فسقه ومداومته على شرب الخمر، فهجم عليه جماعة من المسجد منهم أبو زينب بن عوف الأزدى وجندب زهير الأزدي وغيرهما، فوجدوه سكران مضطجعاً على سريره لا يعقل، فأيقظوه من رقدته، فلم يستيقظ، ثم تقايأ عليهم ما شرب من الخمر، فانتزعوا خاتمه من يده وخرجوا من فوْرِهم إلى المدينة، فأتوا عثمان بن عفان، فشهدوا عنده على الوليد أنه شرب الخمر، فاقال عثمان: وما يريكما أنه شرب خمرا؟ فقالا: هي الخمر التي كنا نشربها في الجاهلية، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه، فزجَرَهما ودفع في صدروهما، وقال: تنحَّيَا عني، فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وأخبراه بالقصة، فأتى عثمان وهو يقول: دفعت الشهود، وأبطلت الحدود، فقال له عثمان: فما ترى؟ قال: أرى أن تبعث إلى صاحبك فتحضره فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدْرَأ عن نفسا بحجة أقمت عليه الحد، فلما حضر الوليد دعاهما عثمان: فأقاما الشهادة عليه ولم يُدل بحجة فألقى عثمان السوط إلى علي، فقال علي لابنه الحسن: قم يا بني فأقم عليه ما أوجب الله عليه، فقال: يكفينيه بعض من ترى، فلما نظر إلى امتناع الجماعة عن إقامة الحد عليه تَوَقِّياً لغضب عثمان لقرابته منه أخذ علي السوط ودنا منه، فلما أقبل نحوه سبه الوليد، وقال: يا صاحب مكس، فقال عقيل بن أبي طالب وكان ممن حضر: إنك لتتكلم يا ابن أبي مُعَيْط كأنك لا تحري من أنت، وأنت علج من أهل صَفّورية - وهي قرية بين عكاء واللَّجُون، من أعمال الأردن، من بلاد طبرية، وكان ذكر أن أباه كان يهوديَاَ منها - فأقبل الوليد يَروغُ من علي، فاجتذبه علي فضرب به الأرض، وعلاه بالسوط، فقال عثمان: ليس لك أن تفعل به هذا، قال: بل وشراً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يؤخذ منه.
سعيد بن العاص
مروج الذهب - (ج 1 / ص 307) سعيد بن العاص..
سعيد بن العاص:
وولي الكوفة بعده سعيد بن العاص، فلما دخل سعيد الكوفة واليَاَ أبى أن يصعد المنبر حتى يُغْسَل، وأمر بغَسْلِهِ،
وقال: إن الوليد كان نجسأ رجساً، فلما أتصلت أيام سعيد بالكوفة ظهرت منه أمور منكرة، فاستبد بالأموال، وقال في بعض الأيام أو كتب به عثمان:
إنما هذا السواد قطين لقريش،
فقال له الأشتر، وهو مالك بن الحارث النخعي:
أتجعل ما أفاء اللّه علينا بظلال سيوفنا ومراكز رماحنا بستاناً لك ولقومك؟
ثم خرج إلى عثمان في سبعين راكباً من أهل الكوفة فذكروا سوء سيرة سعيد بن العاص، وسألوا عَزْلَه عنهم، فمكث الأشتر وأصحابه أياماً لا يخرج لهم من عثمان في سعيد شيء، وامتدت أيامه بالمدينة،
وقدم عَلَى عثمان أمراؤه من الأمصار
منهم عبد اللهّ بن سعد بن أبي سَرْح من مصر
ومعاوية من الشام
وعبد اللّه بن عامر من البصرة
وسعيد بن العاص من الكوفة،
فأقاموا بالمدينة أياماً لا يردهم إلى أمصارهم، وكراهة أن يرد سعيداً إلى الكوفة، وكره أن يعزله، حتى كتب إليه مَنْ بأمصارهم يَشكون كرة الخراج وتعطيل الثغور، فجمعهم عثمان وقال: ما ترون؟
فقال معاوية: أما أنا فراض بي جندي،
وقال عبد اللّه بن عامر بن كريز: ليكفك امرؤ ما قبله أكْفِكَ ما قبلي،
وقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح: ليس بكثير عزل عامل للعامة وتولية غيره،
وقال سعيد بن العاص: إنك إن فعلت هذا كان أهل الكوفة هم الذين يولون ويعزلون،
وقد صاروا حلقاً في المسجد ليس لهم غير الأحاديث والخوض،
فجهزهم في البعوث حتى يكون هَمُّ أحدهم أن يموت على ظهر دابته،
قال: فسمع مقالته عمرو بن العاص فخرج إلى المسجد، فإذا طلحة والزبير جالسان في ناحية منه،
فقالا له: تعالى إلينا، فصار إليهما،
فقالا: ما وراءك؟
قال: الشر، ما ترك شيئاً من المنكر إلا أتى به وأمره به،
وجاء الأشتر فقالا له: إن عاملكم الذي قمتم فيه خطباء قد رد عليكم وأمر بتجهيزكم في البعوث وبكذا وبكذا ،
فقال الأشتر: واللهّ لقد كنا نشكو سوء سيرته وما قمنا فيه خطباء، فكيف وقد قمنا؟!
وايْمُ اللّه على ذلك لولا أني أنفدْتُ النفقة وأنضيت الظهر لسبقته إلى الكوفة حتى أمنعه دخولها،
فقالا له: فعندنا حاجتك التي تقوم بك في سفرك
قال: فأسلفاني إذاً مائة ألف درهم،
قال: فأسلفه كل واحد منهما خمسين ألف درهم، فقسمها بين أصحابه، وخرج إلى الكوفة فسبق سعيداً، وصعد المنبر وسَيفه في عنقه ما وضعه بعد،
ثم قال: أما بعد، فإن عاملكم الذي أنكرتم تعدية وسوء سيرته قد رد عليكم، وأمر بتجهيزكم في البعوث، فبايعوني على أن لا يدخلهاَ،
فبايعه عشرة آلاف من أهل الكوفة
وخرج راكباً متخفياً يريد المدينة أو مكة، فلقي سعيداً بواقصة فأخبره بالخبر، فانصرف إلى المدينة،
وكتب الأشتر إلى عثمان:
أنا والله ما منعنا عاملك الدخول لنفسد عليك عملك، ولكن لسوء سيرته فينا وشدة عذابه، فابعث إلى عملك مَنْ أحببت،
فكتب إليهم: انظروا من كان عاملكم أيام عمر بن الخطاب فولوه،
فنظروا فإذا هو أبو موسى الأشعري، فولَوْهُ.
بدء الطعن على عثمان وسببه
وفي سنة خمس وثلاثين كثر الطعن على عثمان رضي الله عنه، وظهر عليه التنكير لأشياء ذكروها من فعله: منها:
1- ما كان بينه وبين عبد الله بن مسعود، وانحراف هُذَيْل عن عثمان من أجله
2- ومن ذلك ما نال عمار بن ياسر من الفتن والضرب، وانحراف بني مخزوم عن عثمان من أجله.
3- ثم ذكر قصة الوليد بن عقبة..
4- وقصة أبي ذر..
5- وقصة عمار ..
ثم قال
مروج الذهب - (ج 1 / ص 311)
ولما كان سنة خمس وثلانين :
سار مالك بن الحارث النخعي من الكوفة في مائتي رجل
وحكيم بن جبلة العبدي في مائة رجل من أهل البصرة
ومن أهل مصر ستمائة رجل عليهم عبد الرحمن بن عديس البَلَويً،
وقد ذكر الواقدي وغيره من أصحاب السير أنه ممن بايع تحت الشجرة،
إلى آخرين ممن كان بمصر
مثل عمرو بن الحمق الخزاعي
وسعد بن حُمْرَان التُّجِيبي، ( قلت: إنما هو سودان بن حمران )
ومعهم محمد أبي بكر الصديق،
- وقد كان تكلم بمصر، وَحرضَ الناس على عثمان لأمر يطول ذكره كان السبب فيه مروان بن الحكم-!!!
فنزلوا في الموضع المعروف بذي الخشب
فلما علم عثمان بنزولهم بعث إلى علي بن أبي طالب فأحضره، وسأله أن يخرج إليهم ويضمن لهم عنه كل ما يريدون من العدل وحسن السيرة،
فسار علي إليهم، فكان بينهم خطب طويل، فأجابوه إلى ما أراد وانصرفوا،
فلما صاروا إلى الموضع المعروف بحسمى إذا هم بغلامِ على بعير وهو مُقْبِل من المدينة، فتأمًلُوه فماذا هو ورش غلام عثمان، فقرَرُوه، (قلت: لعثمان نحو ألف عبد، لم أجد اسمه .. ولم يستقصهم أحد.. واقرب الناس لاسمه راشد مولى عثمان محدث)..
فأقَرً وأظهر كتابأ إلى ابن أبي سَرْح صاحب مصر وفيه إذا قدم عليك الجيشُ فاقطع يد فلان، واقتل فلاناً، وافعل بفلان كذا، واحْصَى كثر مَنْ في الجيش، وأمر فيهم بما أمر
وعلم القوم أن الكتاب بخط مروان،
فرجعوا إلى المدينة،
واتفق رأيهم ورأي مَنْ قدم من العراق،
ونزلوا المسجد وتكلموا،
وذكروا ما نزل بهم من عُمّالهم،
ورجعوا إلى عثمان فحاصروه في داره،
ومنعوه الماء، فأشرف على الناس
وقال: ألا أحد يسقينا؟
وقال: بم تستحلُّون قتلي وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحلُّ دم آمري مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس " ؟ والله ما فعلت ذلك في جاهلية أو إسلام،
فبلغ عليّاً طلبه للماء، فبعث إليه بثلاث قِرَبٍ ماء،
فما وصل إليه ذلك حتى خرج جماعة من موالي بني هاشم وبني أمية، وارتفع الصوت، وكثر الضجيج، وأحْدَقُوا بداره بالسلاح
وطالبوه بمروان، فأبى أن يخلِّيَ عنه،
وفي الناس بنو زُهْرة لأجل عبد اللّه بن مسعود لأنه كان من أحلافها،
وهذيل لأنه كان منها،
وبنو مخزوم وأحلافها لعمار،
وغِفَار وأحلافها لأجل أبي ذر،
وتَيْم بن مرة مع محمد بن أبي بكر،
وغير هؤلاء ممن لا يحمل كتابنا ذكره،
فلما بلغ عليَاَ أنهم يريدون قتله بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم، وبعث الزبير ابنه عبد الله، وبعث طلحة ابنه محمداً، وأكثر أبناء الصحابة أرسلهم آباؤهم إقتداء بمن ذكرنا، فصدُوهم عن الدار،
فرمى من وصفنا بالسهام، واشتبك القوم،
وجُرح الحسن،
وشُبئَ قنبر،
وجرح محمد بن طلحة،
فخشي القوم أن يتعصب بنو هاشم وبنو أمية،
فتركوا القوم في القتال على الباب،
ومضى نفر منهم إلى دار قوم من الأنصار فتسوَّرُوا عليها،
وكان ممن وصل إليه محمد بن أبي بكر ورجلان آخران،
وعند عثمان زوجته، وأهُله؛ ومواليه مشاغيل بالقتال،
فأخذ محمد بن أبي بكر بلحيته،
فقال: يا محمد، واللّه لو رآك أبوك لساءه مكانك فتراخت يده،
وخرج عنه إلى الدار،
ودخل رجلان فوجداه فقتلاه،
وكان المصحف بين يديه يقرأ فيه، فصعدت امرأته فصرخت وقالت:
قد قتل أمير المؤمنين،
فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما من بني أمية،
فوجده قد فاضت نفسه رضي الله عنه،
فبكوا، فبلغ ذلك علياً وطلحة والزبير وسعداً وغيرهم من المهاجرين والأنصار، فاسترجع القوم، ودخل عليّ الدار، وهو كالواله الحزين،
وقال لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟
ولَطَم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد اللّه بن الزبير،
فقال له طلحة: لا تضرب أبا الحسن، ولا تشتم، ولا تلعن، لو دَفَعَ إليهم مروان ما قتل،
وهرب مروان وغيره من بني أمية،
وطُلِبُوا ليقتلوا فلم يوجدوا،
وقال علىِ لزوجته نائلة بنت الفراقصة:
مَنْ قتله وأنتِ كنت معه؟
قالت: دخل إليه رجلان وقصت خبر محمد بن أبي بكر،
فلم ينكر ما قالت، وقال: واللهّ لقد دخلت عليه وأنا أريد قتله، فلما خاطبني بما قال خرجْت، ولا أعلم بتخلف الرجلين عني، واللّه ما كان لي في قتله من سبب، ولقد قتل وأنا لا أعلم بقتله.
وكانت مدة ما حوصر عثمان في داره تسعاً وأربعين يوماً، وقيل: أكثر من ذلك.
مروج الذهب - (ج 1 / ص 312)
وقتل في ليلة الجمعة لثلاث بقين من في الحجة،
وذكر أن أحد الرجلين كنانة بن بشر التجيبي، ضربه بعمود على جبهته،
والأخر منهما سعد بن حُمْرَان المرادى، ضربه بالسيف على حبل عاتقه فَحلَّه.
وقد قيل: إن عمرو بن الحمق طعنه بسهام تسع طعنات،
وكان فيمن مال عليه عمير بن ضابىء البرجمي التميمي، وخضخض سيفه في يطنه.
مدفنه
ودفن على ما وصفنا في الموضع المعروف بحش كوكب،
وهذا الموضع فيه مقابر بني أمية، ويعرف أيضاً بحلة،
وصلى عليه جُبَير بن مطعم وحكيم بن حزام وأبو جَهْم بن حذيفة.
ولما حوصر عثمان كان أبو أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه يصلّي بالناس،
ثم امتنع، فصلى بهم سهل بن حُنَيْف،
فلما كان يوم النحر صلّى بهم علي،
وقيل: إن عثمان قتل ومعه في الدار من بني أمية ثمانية عشر رجلا
منهم مروان بن الحكيم.
ما قيل فيه من الرثاء
وفي مقتله تقول زوجته نائلة بنت الفرافصة:
ألا إنَ خير الناس بعد ثلاثة ... قتيلُ التجيبيِّ الذي جاء من مصر
ومالِيَ لا أبكي وتبكي قرابتي ... وقد غيبوا عني فضول أبي عمرو
وقال حسان بن ثابت
- فيمن تخلف عنه وخَذَله من الأنصار وغيرهم، وأعان عليه وعلى قتله، واللّه أعلم بما قاله، من أبيات:
خذلَتْهُ الأنصار إذ حضر المو ... تَ وكانت ولاية الأنصار
مَن عَذِيري من الزبير ومن طلـــــــحة إذ جاء أمر له مقدار
فتولى محمد بن أبي بكر............... عياناً، وخلفه عمارأ
في شعر له طويل يذكر فيه غير من ذكرنا،
وينسبهم إلى التمالؤ على قتله، والرضا بما فُعل به، واللّه أعلم،
وكان حسان عثمانياً منحرفاً عن غيره، وكان عثمان إليه محسناً،
وهو المتوعد للأنصار في قوله في شعره:
يا ليْتَ شعري وليت الطير تخبرني ... ما كان شأن علي وابن عفانا
لَتَسْمَعُنّ وشيكا في ديارهمُ ... اللّه أكبر، يا ثارات عثمانا
وكان عثمان رضي اللهّ عنه كثيراً ما ينشد أبياتاً قالها ويطيل ذكرها
لا تعْرف لغيره، منها:
تفنى اللذافة مِمَّنْ نال صفوتها ... من الحرام ويبقى الإثم والعار
يلقى عواقب سوء من مغبتها ... لاخير في لذة من بعدها النار
وكان الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط أخا عثمان لأمه ،
فسمع في الليلة الثانية من مقتل عثمان يندبه، وهو يقول:
بني هاشم، إنا وما كان بيننا ... كصَدْع الصفا ما يومِضُ الدهْر َشاعِبُه
بني هاشم، كيف الهَوَادة بيننا ... وسيف ابن أرْوَى عندكم وحرائبه
بني هاشم، ردوا سلاح ابن أختكم ... ولاتنهبوه، لاتحلّ مناهبهْ
غدرتم به كيما تكونوا مكانه ... كما غدرت يوماً بكسرى مَرَازبُه
وهي أبيات:
فأجابه عن هذا الشعر، وفيما رَمَى به بني هاشم ونسبه إليهم،
الفضلُ بن العباس بن عتبة بن أبي لهب فقال:
فلا تسألونا سيفكم؛ إن سيفكم ... أضِيعَ، وألقاه لَوَر الرَّوْع صاحبه
سلوا أهل مصر عن سلاح ابن أختنا ... فهم سلبوه سيفه وحرائبه
وكان وليَّ الأمر بعد محمد ... علي، وفي كل المواطن صاحبه
علي ولي اللّه أظهر دينه ... وأنت مع الأشْقَيْنَ فيما تحاربه
وأنت امرؤ من أهل صفواء نازح ... فمالك فينا ممت حميم تعاتبه
وقد أنزل الرحْمت أنك فاسق ... فمالك في الإسلام سهم تطالبه
قال المسعودي رحمه اللهّ:
ولعثمان أخبار وسير ومآثر حسان،
قد أتينا على ذكرها في كتابنا أخبار الزمان والكتاب الأوسط، وكذلك ما كان في أي أمه من الكوائن والأحداث والفتوح والحروب مثل الروم وغيرهم واللهّ ولي التوفيق، وصلى اللّه علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
العثمانية عند المسعودي:
مروج الذهب - (ج 1 / ص 314)
وقعد عن بيعته جماعة عثمانية لم يروا إلا الخروج عن الأمر:
منهم سعد بن أبي وقاص، (قلت: الراجح أنه بايع، ولكن اعتزل القتال من عهد عثمان)
وعبد اللّه بن عمر، وبايع يزيد بعد ذلك والحجاج لعبد الملك بن مروان،
ومنهم قُدَامَةُ بن مظعون، (؟ المجلود في الخمر، صهر عمر، هل كان حياً؟)
وأهبان بن صيفي، (هذا في البصرة.. مغمور).. ليست له صحبة شرعية
وعبد الله بن سلام، (لا يعرف ببيعة ولا غيرها)
والمغيرة بن شعبة الثقفي، (نعم بايع ثم غدر)
وممن اعتزل من الأنصار:
كعب بن مالك،( اعتزل)
وحسان بن ثابت، وكانا شاعرين، (والشاعر شاعر وكان عثمانيين)
وأبو سعيد الخُدْرِي، (الراجح أنه بايع وحضر النهروان على الأقل)
ومحمد بن مسلمة حليف بني عبد الأشْهَل، (هذا صحيح اعتزل )
ويزيد بن ثابت – زيد- ، (اعتزل)
ورافع بن خديج، (الراجح أنه مع علي)
ونعمإن بن بشير (هذا كان مع معاوية) .. ليست له صحبة شرعية
و فضالة بن عبيد، (كان في الشام) كيف يغفل المسعودي عن مثل هذا..
وكعب بن عجرة (يظهر أنه كان مع علي) ثم هل هو أنصاري؟
ومَسْلَمة " بن خالد (مخلد)، هذا من أصحاب معاوية .. مغمور ليست له صحبة..
في آخرين ممن لم نذكرهم من العثمانية
من الأنصار وغيرهم من بني أمية وسواهم.
وانتزع علي أملاكاً كان عثمان أقطعها جماعةً من لمسلمين، وقَسَّم ما في بيت المال على الناس، ولم يُفَضِّلْ أحداً على أحد، وبعثت أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى أخيها معاوية بقميص عثمان مخضَّباً بدمائه مع النعمان بن بشير الأنصاري، واتصلت بيعة علي بالكوفة وغيرها من الأمصار، وكان أهل الكوفة أسرع إجابة إلى بيعته، وأخذ له البيعة علىِ أهلها أبو موسى الأشعري، حتى تكاثر الناس عليه، وكان عليها عاملاَ لعثمان.
بنو أمية عند علي
وأتاه جماعة ممن تخلف عن بيعته من بني أمية:
منهم سعيد بن العاص،
ومروان بن الحكم،
والوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيْط،
فجرى بينه وبينهم خطب طويل،
وقال له الوليد: أنا لم نتخلف عنك رغبة عن بيعتك، ولكنا قوم وَتَرَنَا الناسُ، وخفنا على نفوسنا، فعذرنا فيما نقول واضح، أما أنا فقتلتَ أبي صبراً، وَضربتني حداً، وقال سعيد بن العاص كلاماً كثيراً،
وقال له الًوليد: أما سعيد فقتلت أباه، وأهنت مَثْو
وأمَّا مروان فإنك شتمت أباه، وعبت عثمان في ضَمِّه إياه.
وقد ذكر أبو مخنف لوط بن يحيى :
أن حسان بن ثابت وكعب بن مالك والنعمان بن بشير - قبل نفوذه بالقميص - أتوا عليا ًفي آخرين من العثمانية
فقال كعب بن مالك:
يا أمير المؤمنين (!! هذه بيعة) ، ليس مسيئَاَ مَنْ عتب، وخير كفر ما محاهُ عذر، في كلام كثير، ثم بايع وبايع من ذكرنا جميعاً.
عمرو بن العاص
وقد كان عمرو بن العاص انحرف عن عثمان لانحرافه عنه وتوليته مصر غيره، فنزل الشام، فلما اتصل به أمر عثمان وما كان من بيعة علي، كتب إلى معاوية يهزُّه ويشير عليه بالمطالبة بدم عثمان،
وكان فيما كتب به إليه: ما كنت صانعاً إذا قشرت من كل شيء تملكه فاصنع ما أنت صانع،
فبعث إليه معاوية، فسار إليه،
فقال له معاوية: بايعني، قال: لا واللهّ لا أعطيك من ديني حتى أنال من دنياك،
قال: سَلْ، قال: مصر طُعْمَة.
فأجابه إلى ذلك، وكتب له به كتاباً؛
وقال عمرو بن العاص في ذلك:
مُعَاويَ لا أعطيك ديني ولم أنَل ... به منك دنيا؛ فانْظُرَنْ كيف تصنع
فإن تعطني مصر افأرْبِحْ بصفقة ... أخذتَ بها شيخاً يضر و ينفع
....
وقال:
مروج الذهب - (ج 1 / ص 322) جرير والأشعث واليان لعثمان عزلهما علي..
وبعث إلى الأشعث بن قيس يعزله عن أذربيجان وأرمينية، وكان عاملاً لعثمان عليها، وصرف عن همدان جرير بن عبد اللّه البجلي، وكان عاملاً لعثمان، فكان في نفس الأشعث على عليّ ما ذكرنا من العزل.


توقيع : الجابري اليماني
** إنـنـا للـمـوت عشّـــاق الحسين **




من مواضيع : الجابري اليماني 0 عجائب الدهر في فلتات عمر ج 7
0 الصحيح من واقعة الجمل
0 عجائب الدهر في فلتات عمر ج 6
0 محاولات قتل الامام علي (ع) من قبل السلطة المنقلبة واتباعهم
0 عجائب الدهر في فلتات عمر ج 5
رد مع اقتباس