عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية مستبصرة
مستبصرة
المستبصرون
رقم العضوية : 46597
الإنتساب : Dec 2009
المشاركات : 319
بمعدل : 0.06 يوميا

مستبصرة غير متصل

 عرض البوم صور مستبصرة

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : تشرين ربيعة المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-10-2010 الساعة : 03:53 AM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يا رب الحسين [ مشاهدة المشاركة ]
افعال الناس ليست حجة


ففيهم العالم والجاهل
واما المسح على الجورب ففي السنة موجود - المسح على الخفين -
والسنة تشرح القران



ماذا تعني بالسنة تشرح القرآن؟

في مسائل اثبات الإمامة لا تعتقد بان الروايات تشرح مسألة الإمامة وتتبعون فيها المتشابه لتزيلوا الحق عن مواضعه

والآن تأولون مسألة انزلها الله في آية محكمة( المسح يعني المسح) ولا تقبل ان تقول المسح يعني( الغسل) المسالة تحتاج الى تفصيل لعلك تتدارك بعض المفاهيم الفقهية من خلال الشرح بدل ان تشمر عن ساعدك للتحدى فقط
وكل له امام وحجة يوم القيامة
هذا البحث المستفاد في يدكم
إضافة لجهد الأخ تشرين ربيعة
جزاه الله خيرا


(مسح الرجلين أو غسلهما في الوضوء)

اختلف المسلمون في غسل الرجلين ومسحهما، فذهب الأئمة الأربعة إلى أن الواجب هو الغسل وحده، وقالت الشيعة الأمامية: إن لمسح، وقال داود بن علي والناصر للحق من الزيدية: يجب الجمع بينهما وهو صريح الطبري في تفسيره: ونقل عن الحسن البصري: إنه مخير بينهما(1).
ومما يثير العجب اختلاف المسلمين في هذه المسألة، مع أنهم رأوا وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم وليلة في موطنه ومهجره، وفي حضره وسفره، ومع ذلك اختلفوا في هذه المسألة التي هي من أشد المسائل ابتلاءً، وهذا يعرب عن أن الاجتهاد لعب في هذه المسألة دوراً عظيماً، فجعل أوضح المسائل أبهمها.
إن الذكر الحكيم تكفل ببيان المسألة وما أبقى فيها إبهاماً وإعضالاً، وقد بينها رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذلك، ومن هنا فلا بد من الجزم بأن المسلمين كانوا قد اتفقوا على فعل واحد، وإلا فما كان هذا الأمر يخفى، إذن فلا محيص من القول بأن الحاضرين في عصر النزول فهموا من الآية معنىً واحداً: إما المسح أو الغسل، ولم يترددوا في حكم الرجلين أبداً. ولو خفي حكم هذه المسألة بعد رحلة الرسول (صلى الله عليه وآله) على الأجيال فلا غرو في أن يخفى على المسلمين حكم أكثر المسائل.
وليس فيها شيء أوثق من كتاب الله فعلينا دراسة ما جاء فيه، قال سبحانه:
(يا أيها الذي آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)(2) وقد اختلف القراء في قراءة:
(وأرجلكم إلى الكعبين) فمنهم من قرأ بالفتح، ومنهم من قرأ بالكسر. إلا أنه على الآية إبهاماً وإعضالاً، ويجعل الآية لغزاً، والقرآن كتاب الهداية والإرشاد، وتلك الغاية تطلب لنفسها الوضوح وجلاء البيان، خصوصاً فيما يتعلق بالأعمال والأحكام التي يبتلي بها عامة المسلمين، ولا تقاس بالمعارف والعقائد التي يختص الإمعان فيها بالأمثل فالأمثل.
وعلى كل تقدير فممن حقق مفاد الآية وبينها الإمام الرازي في تفسيره، وننقل كلامه بتلخيص ـ وسيوافيك مفصل كلامه في آخر البحث ـ:
قال: حجة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتين المشهورتين في قوله: (وأرجلكم) وهما:
الأول: قرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم ـ في رواية أبو بكر عنه ـ بالجر.
الثاني: قرأ نافع وابن عامر وعاصم ـ في رواية حفص عنه ـ بالنصب.
أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس، فكذلك في الأرجل.
فإن قيل لم لا يجوز أن يكون الجر على الجوار؟ كما في قوله: (جحرُ ضبٍّ خربٍ) وقوله: ( كبيرُ أُناسٍ في بجادٍ مزمّلٍ).
قيل: هذا باطل من وجوه:
1- إن الكسر على الجوار معدود من اللحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر، وكلام الله يجب تنزيهه عنه.
2- إن الكسر على الجوار إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله: (جُحرُ ضبٍ خرِبٍ) فإن (الخرب) لا يكون نعتاً للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل.
3- إن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب.
وأما القراءة بالنصب فهي أيضاً توجب المسح، وذلك لأن (برؤوسكم) في قوله: (فامسحوا برؤوسكم) في محل النصب(3) بامسحوا لأنه المفعول به، ولكنها مجرورة لفظاً بالباء، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس، وجاز الجر عطفاً على الظاهر.
ونزيد بياناً أنه على قراءة النصب يتعين العطف على محل برؤوسكم، ولا يجوز العطف على ظاهر (أيديكم) لاستلزامه الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجملة أجنبية وهو غير جائز في المفرد، فضلاً عن الجملة.
هذا هو الذي يعرفه المتدبر في الذكر الحكيم، ولا يسوغ لمسلم أن يعدل عن القرآن إلى غيره، فإذا كان هو المهيمن على جميع الكتب السماوية، فأولى أن يكون مهيمناً على ما في أيدي الناس من الحق والباطل، والمأثورات التي فيها الحديث ذو شجون. مع كونها متضاربة في المقام، فلو ورد فيها الأمر بالغسل، فقد جاء فيها الأمر بالمسح، رواه الطبري عن الصحابة والتابعين نشير إليه على وجه الإجمال.

1- ابن عباس، قال: الوضوء غسلتان ومسحتان.
2- كان أنس إذا مسح قدميه بلهما، ولما خطب الحجاج وقال: ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى خبثه في قدميه فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما، قال أنس: صدق الله وكذب الحجاج، قال الله: (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) وكان أنس إذا مسح قدميه بلّهما.
3- عكرمة، قال: ليس على الرجلين غسل وإنما نزل فيهما المسح.
4- الشعبي قال: نزل جبرائيل بالمسح وقال: ألا ترى أن التيمم أن يُمسَحَ ما كان غسلاً ويلغى ما كان مسحاً.
5- عامر: أُمر أن يمسح في التيمم ما أُمر أن يغسل بالوضوء، وأُبطل ما أُمر أن يسمح في الوضوء: الرأس والرجلان. وقيل له: إن أُناساً يقولون: إن جبرائيل نزل بغسل الرجلين فقال: نزل جبرائيل بالمسح.
6- ( قتادة) في تفسير الآية: افترض الله غسلتين ومسحتين.
7- الأعمش: قرأ (وأرجلكم) مخفوضة اللام.
8- علقمة: قرأ (أرجلكم) بالكسر.
9- الضحاك: قرأ (وأرجلكم) بالكسر.
10- مجاهد: مثل ما تقدم(4).
وهؤلاء من أعلام التابعين وفيهم الصحابيان: ابن عباس وأنس وقد اتفقوا على المسح وقراءة الجر الصريحة في تقديم المسح على الغسل، وجمهور أهل السنة يحتجون بأقوالهم في مجلات مختلفة فلماذا أُعرض عنهم في هذا المجال المهم والحساس في عبادة المسلم.
إن القول بالمسح هو المنصوص عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وهم يسندون المسح إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ويحكون وضوءه به، قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (ألا أحكي لكم وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ثم أخذ كفاً من الماء فصبّها على وجهه.. إلى أن قال: ثم مسح رأسه وقدميه.
وفي رواية أخرى: ثم مسح ببقية ما بقي في يدي رأسه ورجليه ولم يعدهما في الإناء(5).
وفي ضوء هذه الروايات والمأثورات الشيعة الإمامية على أن الوضوء غسلتان ومسحتان، وإلى ذلك يشير السيد بحر العلوم في منظومته الموسومة بالدرة النجفية:
إن الوضوء غسلتان عندنا ومسحتان والكتاب معنـــــا
فالغسل للوجه ولليديـــــــن والمسح للرأس وللرجليــن
وبعد وضوح دلالة الآية، وإجماع أئمة أهل البيت على المسح، واستناداً إلى جملة الأدلة الواضحة التي ذكرنا بعضاً منها، فإن القول بما يخالفها يبدو ضعيفاً ولا يصمد أمام النقاش، إلا إنّا سنحاول أن نورد الوجوه التي استدل بها القائلون بالغسل ليتبين للقارئ الكريم مدى ضعف حجيتها:
1- إن الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس، فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير إليه، ويكون غسل الأرجل يقوم مقام مسحها(6).
يلاحظ عليه: أن الأخبار الغسل ومعارضة بأخبار المسح، وليس شيء أوثق من كتاب الله، فلو دل على لزوم المسح لا يبقى مجال لترجيحه على روايات المسح. والقرآن هو المهيمن على الكتب والمأثورات، والمعارض منها للكتاب لا يقام له وزن.
وأعجب من ذلك قوله: إن الغسل مشتمل على المسح، مع أنهما حقيقتان مختلفتان، فالغسل إمرار الماء على المغسول، والمسح إمرار اليد على الممسوح(7) وهما حقيقتان مختلفتان لغة وعرفاً وشرعاً، ولو حاول الاحتياط لوجب الجمع بين المسح والغسل، لا الاكتفاء بالغسل.
2- ما روي عن الإمام علي (عليه السلام) ـ من أنه كان يقتضي بين الناس فقال:
(وأرجلكم) هذا من المقدم والمؤخر في الكلام فكأنه سبحانه قال: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق واغسلوا أرجلكم وامسحوا برؤوسكم).
لكنه يرد: بأن أئمة أهل البيت كالباقر والصادق (عليهما السلام) أدرى بما في البيت، وهما اتفقا على المسح، وهل يمكن الاتفاق على المسح مع اعتقاد كبيرهم بالغسل؟ إن المؤكد هو أن هذه الرواية موضوعة عن لسان الإمام ليثيروا الشك بين أتباعه وشيعته. ولا نعلق على احتمال التقديم والتأخير شيئاً، سوى أنه يجعل معنى الآية شيئاً مبهماً في المورد الذي يطلب فيه الوضوح، إذ هي المرجع للقروي والبدوي، وللحاضر عصر النزول، والغائب عنه، فيجب أن يكون على نسق ينتقل منه إلى المراد، ثم إنه أي ضرورة اقتضت هذا التقديم والتأخير، مع أنه كان من الممكن ذكر الأرجل بعد الأيدي من دون تأخير؟ ولو كان الدافع إلى التأخير هو بيان الترتيب، وإن غسل الأرجل بعد مسح الرأس، فكان من الممكن أن يُذكر فعله ويقال: (فامسحوا برؤوسكم واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين). كل ذلك يعرب عن أن هذه محاولات فاشلة لتصحيح الاجتهاد تجاه النص وما عليه أئمة أهل البيت من الاتفاق على المسح.
3- ما روي ابن عمر في الصحيحين قال: تخلف عنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سفره، فأدركنا وقد أرهقنا العصر نتوضأً ونمسح على أرجلنا، قال: فنادى بأعلى صوته: (ويل للأعقاب من النار) ـ مرتين أو ثلاث ـ (8).
ويرد هذا الاستدلال: أن هذه الرواية على تعين المسح أدل من دلالتها على غسل الرجلين، فإنها صريحة في أن الصحابة يمسحون، وهذا دليل على أن المعروف عندهم هو المسح، وما ذكره البخاري من أن الإنكار عليهم كان بسبب المسح لا بسبب الاقتصار على بعض الرجل، اجتهاد منه، وهو حجة عليه لا على غيره، فكيف يمكن أن يخفي على ابن عمر حكم الرجلين حتى يمسح رجليه عدة سنين إلى أن ينكر عليه النبي المسح؟!
على أن للرواية معنى آخر تؤيده بعض المأثورات، فقد روي: أن قوماً من أجلاف العرب، كانوا يبولون وهم قيام، فيتشرشر البول على أعقابهم وأرجلهم فلا يغسلونها ويدخلون المسجد للصلاة، وكان ذلك سبباً لذلك الوعيد(9) ويؤيد ذلك ما يوصف به بعض الأعراب بقولهم: بوّال على عقبيه، وعلى فرض كون المراد ما ذكره البخاري، فلا تقاوم الروية نص الكتاب.
4- روى ابن ماجة القزويني عن أبي إسحاق عن أبي حنيفة، قال: رأيت علياً توضأ فغسل قدميه إلى الكعبين ثم قال: (أردت أن أُريكم طهور نبيكم)(10).
يلاحظ عليه: أن أبا حية مجهول لا يعرف، ونقله عنه أبو إسحاق الذي شاخ ونسى واختلط وترك الناس روايته(11) أضف إليه أن يعارض ما رواه عنه أهل بيته، وأئمة أهل بيته، خصوصاً من لازمه في حياته وهو ابن عباس كما مر.
5- قال صاحب المنار: وأقوى الحجج اللفظية على الإمامية جعل الكعبين غاية طهارة الرجلين، وهذا لا يحصل إلا باستيعابهما بالماء، لأن الكعبين هما العظمان النائتان في جانبي الرجل.
وهذا القول يلاحظ عليه: أنا نفترض أن المراد من الكعبين هو ما ذكره، لكنا نسأله: لماذا لا تحصل تلك الغاية إلا باستيعابهما بالماء؟ مع أنه يمكن تحصيل تلك الغاية بمسحهما بالنداوة المتبقية في اليد، والاختبار سهل، ونحن لا نرى في العمل إعضالاً وعسراً.
6- وقال: إن الإمامية يمسحون ظاهر القدم إلى معقد الشراك عند المفصل بين الساق والقدم، ويقولون هو الكعبين ففي الرجل كعب واحد على رأيهم، فلو صح هذا لقال: إلى الكعاب كما قال في اليدين: (إلى المرافق)(12).
أقول: إن المشهور بين الإمامية هو تفسير الكعب بقبة القدم التي هي معقد الشراك، وهناك من يذهب إلى أن المراد هو المفصل بين الساق والقدم، وذهب قليل منهم إلى أن المراد هما العظمان في جانبي الرجل. وعلى كل تقدير، يصح إطلاق الكعبين، وإن كان حد المسح هو معقد الشراك أو المفصل، فيكون المعنى: (فامسحوا بأرجلكم إلى الكعبين منكم) إذ لا شك أن كل مكلف يملك كعبين في رجليه.
أضف إلى ذلك: أنه لو صح التفسير بما ذكره فإنه يجب أن يوسع الممسوح ويحدد بالعظمين الناتئين لا أن يبدل المسح بالغسل، وكأنه تخيل أن المسح بالنداوة المتبقية في اليد لا يتحقق بها، وأنه تجف اليد قبل الوصول إليهما.
ولعمري أنه هذه اجتهادات واهية، وتخرصات لا قيمة في مقابل الذكر الحكيم.
7- آخر ما عند صاحب المنار في توجيه غسل الأرجل هو التمسك بالمصالح، حيث قال: لا يعقل لإيجاب مسح ظاهر القدم باليد المبللة بالماء حكمة، بل هو خلاف حكمة الوضوء، لأن طروء الرطوبة القليلة على العضو الذي عليه غبار أو وسخ يزيده وساخة، وينال اليد الماسحة حظ من هذه الوساخة.
يلاحظ عليه: أن ما ذكره استحسان لا يُعرّج عليه مع وجود النص، فلا شك أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح الواقعية ولا يجب علينا أن نقف عليها، فأي مصلحة في المسح على الرأس ولو بمقدار إصبع أو إصبعين حتى قال الشافعي: إذا مسح الرأس بإصبع واحدة أو بعض إصبع أو باطن كفه، أو أمر مَن يسمح له أجزأه ذلك؟!
وهناك كلمة قيمة للإمام شرف الدين الموسوي نأتي بنصها، قال (رحمه الله):
نحن نؤمن بأن الشارع المقدس لاحظ عباده في كل ما كلفهم به من أحكامه الشرعية، فلم يأمرهم إلا بما فيه مصلحتهم، ولم ينههم إلا عما فيه مفسدة لهم، لكنه مع ذلك لم يجعل شيئاً من مدارك تلك الأحكام منوطاً من حيث المصالح والمفاسد بآراء العباد، بل تعبدهم بأدلة قوية عينها لهم، فلم يجعل لهم مندوحة عنها إلى سواها. وأول تلك الأدلة الحكيمة كتاب الله عز وجل، وقد حكم بسمح الرؤوس والأرجل في الوضوء، فلا مندوحة عن البخوع لحكمه، أما نقاء الأرجل من الدنس لا بد من إحرازه قبل المسح علها عملاً بأدلة خاصة دلت على اشتراط الطهارة في أعضاء الوضوء قبل الشروع فيه(13). ولعل غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجليه ـ المدعى في أخبار الغسل ـ إنما كان من هذا الباب ولعله كان من باب التبرد، أو كان من باب المبالغة في النظافة بعد الفراغ من الوضوء. والله أعلم(14).
***
ثم إن هناك لفيفاً من أهل السنة اعترفوا بما ذكرنا من أن المستفاد من الكتاب هو المسح لا الغسل، ويطيب لي نقل نصوصهم:
1- قال ابن حزم: إن القرآن نزل بالمسح، قال الله تعالى: (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم) وسواء قرأ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤوس: إما على اللفظ وإما على الموضع، لا يجوز غير ذلك، لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأه. وهكذا جاء عن ابن عباس: نزل القرآن بالمسح ـ يعني في الرجلين ـ في الوضوء.
وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف، منهم علي بن أبي طالب وابن عباس والحسن والشعبي وجماعة غيرهم، وهو قول الطبري، ورويت في ذلك آثار.
منها أثر من طريق همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: ثنا علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه، عن عمه ـ هو رفاعة بن رافع ـ أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (أنها لا تجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين).
وعن إسحاق بن راهويه: ثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عبد خير، عن علي: (كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح حتى رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسح ظاهرهما).
ثم أنه ذكر خبر (ويل للأعقاب من النار) واستظهر منها أنه يستفاد من الخبر شيء زائد على ما في الآية، ويكون ناسخاً لما فيها، والأخذ بالزائد واجب.
ولكنك عرفت أن هذا الخبر ـ على فرض صحته ـ لا يهدف إلى ما يرتئيه من وجوب الغسل، وقد عرفت معنى الرواية.
ثم قال: وقال بعضهم: إنه سبحانه وتعالى قال في الرجلين: (إلى الكعبين) كما قال في الأيدي: (إلى المرافق)، دل على أنه حكم الرجلين حكم الذراعين.
فأجاب عنه بقوله: ليس ذكر المرفقين والكعبين دليلاً على وجوب غسل ذلك، لأنه تعالى قد ذكر الوجه ولم يذكر في مبلغه حداً، وكان حكمه الغسل، لكن لما أمر الله تعالى في الذراعين بالغسل كان حكمهما الغسل، وإذا لم يذكر ذلك في الرجلين وجب أن لا يكون حكمهما ما لم يذكر فيها إلا أن يوجبه نص آخر.
قال علي: والحكم للنصوص لا للدعاوي والظنون، وفي غسلهما، فنقل القفال في تفسيره عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي وأبي جعفر محمد بن علي الباقر: أن الواجب فيهما المسح، وهو مذهب الإمامية من الشيعة.
وقال الجمهور الفقهاء والمفسرين: فرضهما الغسل، وقال داود الأصفهاني: يجب الجمع بينهما وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية. وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخير بين المسح والغسل.
حجة من قال بوجوب المسح مبنية على القراءتين المشهورتين في قوله (وأرجلكم) فقرأ ابن الكثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر عنه بالجر، بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل.
فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال: هذا كسر على الجوار كما في قوله: جحر ضبٍ خرب. كبير أُناس في بجاد مزمل.
قلنا: هذا باطل من وجوه: الأول: أن الكسر على الجوار معدود في اللحن الذي قد يحتمل لأجل الضرورة في الشعر، وكلام الله يجب تنزيهه عنه.
وثانيها: أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس، كما في قوله: جحر ضبٍ خرب، فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل.
وثالثها: أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف، وأما مع حرف العطف لم تتكلم به العرب، وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً: إنها توجب المسح. وذلك لأن قوله: (وامسحوا بروؤسكم) فروؤسكم في محل النصب ولكنها مجرورة بالباء، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس، والجر على الظاهر، وهذا مذهب مشهور للنجاة.
إذا ثبت هذا فنقول: ظهر أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله: (وأرجلكم) هو قوله: (وامسحوا) ويجوز أن يكون هو قوله: (فاغسلوا) لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى، فوجب أن يكون عامل النصب في قوله: (وأرجلكم) هو قوله: (وامسحوا) فثبت أن قراءة (وأرجلكم) بنصب اللام توجب المسح أيضاً، فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح. ثم قالوا: ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد، ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز.
واعلم أنه لا يمكن الجواب عن هذا إلا من وجهين: أن الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس، فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير إليه(15)، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الرجل مقام مسحها، والثاني: أن فرض الرجلين محدود إلى الكعبين، والتحديد إنما جاء في الغسل لا في المسح.
والقوم أجابوا عنه بوجهين: الأول: أن الكعب عبارة عن العظم الذي تحت مفصل القدم، وعلى هذا التقدير فيجب المسح إلى ظهر القدمين.
والثاني: أنهم سلموا أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبي الساق، إلا أنهم التزموا أنه يجب أن يمسح ظهور القدمين إلى هذين الموضعين، وحينئذ لا يبقى هذا السؤال(16).
3- إن الزمخشري لما سلم بأن قراءة الجر تجره إلى القول بوجوب المسح أراد التخلص منه بقول:
(فإن قلت: فما تصنع بقراءة الجر ودخولها في حكم المسح؟
قلت: الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها، فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهية عنه، فعطفت على الثالث (الرؤوس) الممسوح لا لتمسح ولكن لينبه على وجو الاقتصاد في صب الماء عليها(17).
يلاحظ عليه: أن الوجوه والأيدي مظنة للإسراف المذموم مثل الأرجل، فلماذا نبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء في خصوص الأرجل دون غيرهما مع كون الجميع مظنة للإسراف في صب الماء.
ولا يخفي أنه تفلسف في تفسير الآية بشيء تافه لا يرضى به الذوق العربي.
فإنه لو صح ما ذكره من الفلسفة فإنما يصح فيما إذا أُمن من الالتباس لا في مثل المقام الذي لا يؤمن منه، ويحمل ظاهر اللفظ على وجوب المسح من دون التفات لما ذكره من النكت البديعة!.



الهوامش:
1- الطبري: التفسير: 6/86، ومفاتيح الغيب: 11/162، والمنار: 6/228.
2- المائدة: 6.
3- يقال: ليس هذا بعالم ولا عاملاً. قال الشاعر:
معاوي أننا بشر فاسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا
لاحظ: المغنى لابن هشام: الباب الرابع.
4- الطبري: التفسير: 6/ 82-83.
5- الحر العاملي: الوسائل 1، باب 15 من أبواب الوضوء، الحديث 9و10.
6- مفاتيح الغيب: 11/162.
7- قال سبحانه حاكياً عن سليمان: (ردوها علي فطفق مسحاً بالسوق والأعناق) ص/ص33، أي مسح بيده على سوق الصافنات الجياد وأعناقها.
8- صحيح البخاري: ج1، كتاب العلم: ص18، باب رفع صوته، الحديث 1.
9- مجمع البيان: 2/167.
10- سنن ابن ماجة: 1/170، باب ما جاء في غسل القدمين الحديث الأول.
11- لاحظ التعليقة لسنن ابن ماجة 170 وميزان الاعتدال للذهبي: 40/519، برقم 10138.
12- المنار: 6/234.
13- ولذا ترى حفاة الشيعة منهم ـ كأهل الحرث وأمثالهم وسائر من لا يبالون بطهارة أرجلهم في غير أوقات العبادة المشروطة بالطهارة ـ إذا أرادوا الوضوء غسلوا أرجلهم ثم توضّاوا فمسحوا عليها نقية جافة.
14- مسائل فقهية: 82.
15- قد عرفت الجواب عنه فيما سبق.
16- الإمام الرازي: مفاتيح الغيب: 11/161.
17- الزمخشري: الكشاف: 1/449.

توقيع : مستبصرة
أبا حسن، إن الذين عهدتهم ... ثقال الخُطا إلاّ لكسب الفضائلِ
أعزيك فيهم يالك الخيرإنهم ... مشوا لورود الموت مشية عاجلِ
ارادت بنو سفيان فيهم مذلة ... وذلك من ابناك صعب التناولِ
متى ذل قومٌ انت فيهم ... إباءٌ به يندق انف المجادلِ
أعادوك يوم الطف حيا وجددوا ... لعلياك ذكرا قبل ذا غير خاملِ
فلم تُفجَعِ الايامُ من قبل يومهم ... بأكرمِ مقتول لألئم قاتلِ
من مواضيع : مستبصرة 0 ام القذافي يهودية!! اذن كيف بأمهات البقية؟!!!
0 وقفة تأمل : إثبات الوهابية لجواز التقية بالقول والعمل بعد كشف الواقع للزومها
0 دعوة لإخوتي الموالين الكرام لنفيد ونستفيد
0 بحث :صلاة التراويح بدعة هدى مقابل نهي النبي صلى الله عليه وآله!!!!!
0 لفظ الشيعة لغة واصطلاحا
رد مع اقتباس